الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الركن الرابع : العمل .

                                                                                                                                                                        [ وشروطه
                                                                                                                                                                        ] قريبة من عمل القراض وإن اختلفا في الجنس .

                                                                                                                                                                        فمنها : أن لا يشرط عليه عمل ليس من أعمال المساقاة .

                                                                                                                                                                        ومنها : أن يستبد العامل باليد في الحديقة ليتمكن من العمل متى شاء .

                                                                                                                                                                        فلو شرطا كونه في يد المالك ، أو مشاركته في اليد ، لم يصح . ولو سلم المفتاح إليه ، وشرط المالك الدخول عليه ، جاز على الصحيح . ووجه الثاني : أنه إذا دخل ، كانت الحديقة في يده ، ويتعوق بحضوره عن العمل .

                                                                                                                                                                        ومنها : أن ينفرد العامل بالعمل .

                                                                                                                                                                        فلو شرطا مشاركة المالك في العمل فسد العقد ، وإن شرطا أن يعمل معه غلام المالك ، جاز على المذهب والمنصوص . وقيل : وجهان كالقراض . هذا إذا شرطا معاونة الغلام ، ويكون تحت تدبير العامل . فلو شرطا اشتراكهما في التدبير ، ويعملان ما اتفقا عليه ، لم يجز بلا خلاف . وإذا جوزناه في الأول ، فلا بد من معرفة الغلام بالرؤية أو الوصف . وأما نفقته ، فإن شرطاها على المالك ، جاز ، وإن شرطاها على العامل ، جاز أيضا على الأصح . وعلى هذا هل يجب تقديرها ليعرف ما يدفع إليه كل يوم من الخبز والأدم ، أم لا بل يحمل على الوسط المعتاد لأنه يتسامح به ؟ وجهان ، وبالثاني قطع الشيخ أبو حامد . وإن شرطاها في الثمار ، فقطع البغوي بالمنع ، لأن ما يبقى مجهول . وقال صاحب " الإفصاح " : يجوز ، لأنه قد يكون من صلاح المال ، ويشبه أن يتوسط فيقال : إن شرطاها من جزء معلوم ، بأن شرطا للمالك ثلث الثمار ، وللعامل ثلثها ، ويصرف الثلث الثالث إلى نفقة الغلام ، جاز ، وكأن المشروط للمالك ثلثاها . وإن شرطاها في الثمار بغير تقدير جزء لم يصح .

                                                                                                                                                                        ولو لم يتعرضا للنفقة أصلا ، فالمذهب والذي قطع به [ ص: 156 ] الجمهور : أنها على المالك . وفي وجه : على العامل ، حكاه في " المهذب " . ولصاحب " الإفصاح " احتمالان آخران . أحدهما : أنها من الثمرة ، والآخر ، يفسد العقد ، ولا يجوز للعامل استعمال الغلام في عمل نفسه . ولو شرط أن يعمل له ، بطل العقد . ولو كان برسم الحديقة غلمان يعملون فيها ، لم يدخلوا في مطلق المساقاة . ولو شرط استئجار العامل من يعمل معه من الثمرة ، بطل العقد . ولو شرط كون أجرة من يعمل معه على المالك ، بطل على المذهب ، وبه قطع الأصحاب ، وشذ الغزالي ، فذكر في جوازه وجهين .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية