الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الحكم الثالث : نسب اللقيط ، وهو كسائر المجهولين ، فإذا استلحقه حر مسلم ، لحقه ، وقد سبق في كتاب " الإقرار " ما يشترط الاستلحاق ، ولا فرق في ذلك بين الملتقط وغيره ، لكن يستحب أن يقال للملتقط : من أين هو لك ؟ فربما توهم أن الالتقاط يفيد النسب . وإذا ألحق بغير الملتقط ، سلم إليه ، لأنه أحق من الأجنبي . واستلحاق الكافر ، كاستلحاق المسلم في ثبوت النسب ، لاستوائهما في الجهات المثبتة للنسب . وإن استلحقه عبد ، لحقه إن صدقه السيد ، وكذا إن كذبه على الأظهر . وقيل : لا يلحق قطعا . وقيل : يلحق قطعا إن كان مأذونا له في النكاح ، ومضى زمان إمكانه ، وإلا ، فقولان . والمذهب : اللحوق مطلقا ، ويجري الخلاف في إقرار العبد بأخ أو عم . وقيل بالمنع هنا قطعا ، لأن لظهور نسبه طريقا آخر ، وهو إقرار الأب أو الجد ، ويجري فيما لو استلحق حر عبد غيره وهو بالغ فصدقه ، لما فيه من قطع الإرث المتوهم بالولاء . وقيل : يثبت هنا قطعا ، ويجري فيما لو استلحق المعتق غيره . والمنع هنا أبعد ، لاستقلاله بالنكاح والتسري . وإذا صححنا استلحاق العبد ، [ ص: 438 ] فلا يسلم إليه اللقيط ، لأنه لا يتفرغ لحضانته ، وتربيته ، ولا نفقة عليه ، إذ لا مال له .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        استلحقته امرأة وأقامت بينة ، لحقها ولحق زوجها إن أمكن العلوق منه ، ولا ينتفي عنه إلا بلعان . هذا إذا قيدت البينة أنها ولدته على فراشه . فإن لم تتعرض للفراش ، ففي ثبوت نسبه من الزوج وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح المنع . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وإن لم تقم بينة واقتصرت على الدعوى ، فهل يلحقها ، أم لا ؟ أم يلحق الخلية دون المزوجة ؟ فيه أوجه . أصحها : الثاني . فإن ألحقنا ولها زوج ، لم يلحقه على المذهب ، وبه قطع الجمهور . وقيل : وجهان . وباللحوق قال ابن سلمة . واستلحاق الأمة كالحرة إن جوزنا استلحاق العبد ، فإن أثبتناه ، لم يحكم برق الولد لمولاها على المذهب ، وبه قطع ابن الصباغ ، والمتولي ، وذكر البغوي فيه وجهين .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية