الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا باع الوصي أو القيم شقص الصبي وهو شريكه ، فلا شفعة له على الأصح . وبه قال ابن الحداد ، لأنه لو تمكن منه لم يؤمن أن يسامح في الثمن ، ولهذا لا يبيعه مال نفسه . ولو اشترى شقصا للطفل وهو شريك في العقار فله الشفعة على الصحيح ، إذ لا تهمة . وقيل : لا ، لأن في الشراء والأخذ تعليق عهدة الصبي من غير نفع له ، وللأب والجد الأخذ بالشفعة إذا كانا شريكين ، سواء باعا أو اشتريا لقوة ولايتهما وشفعتهما ، كما [ له ] بيع ماله لنفسه . ولو كان في حجر الوصي يتيمان بينهما دار ، فباع نصيب أحدهما لرجل ، فله أخذه بالشفعة للآخر .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        وكل أحد الشريكين صاحبه في بيع نصيبه ، فباعه ، فللوكيل أخذه بالشفعة على الأصح وقول الأكثرين ، لأن الموكل ناظر لنفسه يعترض على الوكيل إن قصر ، بخلاف الصبي . ولو وكل رجل أحد الشريكين في شراء الشقص ، فللوكيل الأخذ بالشفعة بلا خلاف . ولو وكل الشريك الشريك في بيع نصف نصيبه [ وأذن له في بيع نصيبه ، أو بعض نصيبه مع نصيب الموكل إن شاء ، فباع نصف نصيب الموكل مع نصيبه ] صفقة واحدة ، فللموكل أخذ نصيب الوكيل بالشفعة . وهل للوكيل أخذ نصيب الموكل ؟ فيه الوجهان .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا كان للمشتري في الدار شركة قديمة ، بأن كانت بين ثلاثة أثلاثا ، فباع أحدهم نصيبه لأحد صاحبيه ، فالأصح أن المشتري والشريك الآخر يشتركان في أخذ الشقص ، لاستوائهما في الشركة . وقيل : الشريك الثالث يختص بالشفعة ، فعلى هذا [ ص: 80 ] إن شاء أخذ جميع الشقص ، وإن شاء تركه . وعلى الأصح : إن شاء أخذ نصف الشقص أو تركه . فإن قال المشتري : خذ الكل ، أو اترك الكل ، وقد تركت أنا حقي ، لم تلزمه الإجابة ، ولم يصح إسقاط المشتري حقه من الشفعة ، لأن ملكه استقر على النصف بالشراء ، فصار كما لو كان للشقص شفيعان : حاضر ، وغائب ، فأخذ الحاضر الجميع ، فحضر الغائب له أن يأخذ نصفه ، وليس للحاضر أن يقول : اترك الجميع أو خذ الجميع فقد تركت حقي ، ولا نظر إلى تبعيض الصفقة عليه ، فإنه لزم من دخوله في هذا العقد .

                                                                                                                                                                        وحكي وجه : أنه إذا ترك المشتري حقه ، لزم الآخر أخذ الكل أو تركه ، كما لو عفا أحد الشفيعين الأجنبيين . ولو كان بين اثنين دار ، فباع أحدهما نصف نصيبه لثالث ، ثم باع النصف الثاني لذلك الثالث ، فعلى الأصح حكمه كما لو باع النصف الثاني لأجنبي ، وسيأتي بيانه في الباب الثاني إن شاء تعالى . وعلى الوجه الآخر : لا شفعة للمشتري ، وللشفيع الخيار بين أن يأخذ الكل أو يأخذ أحد النصفين فقط .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية