( حدثنا ، قتيبة بن سعيد وبشر بن معاذ قالا : حدثنا ) وفي نسخة أخبرنا ( أبو عوانة ، عن ) بكسر العين وبالقاف وجهل من ضبطه بالفتح ( عن زياد بن علاقة قال : المغيرة بن شعبة فقيل له أتتكلف هذا ) أي : أتلزم نفسك بهذه الكلفة ، والمشقة التي لا تطاق ( وقد غفر الله لك ) وفي نسخة ، : " وقد غفر لك " بصيغة المجهول ( ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) ففي النهاية : تكلفت الشيء إذا تجشمته على مشقة وعلى خلاف عادتك ، والمتكلف المتعرض لما لا يعنيه ، ومنه الحديث : " أنا وأمتي براء من التكلف " انتهى ، والمعنى الأول هو المناسب للمقام ; فتأمل ( قال أفلا أكون عبدا شكورا ) الفاء للعطف على مقدر تقديره : أترك الصلاة اعتمادا على الغفران فلا أكون عبدا شكورا ؟ ! وقد قال تعالى في حق نوح قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : اجتهد في الصلاة ( حتى انتفخت ) أي : تورمت ( قدماه إنه كان عبدا شكورا وقيل للتسيب عن غير مذكور أي : أترك صلاتي بما غفر لي فلا أكون عبدا شكورا ؟ ! يعني أن غفران الله إياي : سبب لأن أصلي شكرا له فكيف أتركه ، وحاصله أنه : كيف لا أشكره وقد أنعم علي وخصني بخير الدارين ؟ ! فإن الشكور من أبنية المبالغة يستدعي نعمة خطيرة ، ثم تخصيص العبد بالذكر مشعر بغاية الإكرام ، والقرب من الله ، ومن ثمة وصف به في مقام الإسراء ; ولأن العبودية تقتضي صحة النسبة وليست إلا بالعبادة وهي عين الشكر فالمعنى : ألزم العبادة وإن غفر لي لأكون عبدا شكورا ، وقد ظن من سأله - صلى الله عليه وسلم - عن سبب تحمله المشقة في العبادة أن سببها إما خوف الذنب أو رجاء المغفرة ; فأفاد لهم أن لهم سببا آخر أتم وأكمل وهو الشكر على التأهل لها مع المغفرة وإجزال النعمة ؛ ولذا قال تعالى : وقليل من عبادي الشكور وقد روي عن علي كرم الله وجهه : " إن قوما عبدوا رغبة ، فتلك عبادة التجار ، وإن قوما عبدوا رهبة فتلك عبادة العبيد وإن قوما عبدوا شكرا فتلك عبادة الأحرار " ، كما نقله عنه صاحب ربيع الأبرار .