ولما ذكر آية النهار؛ أتبعها آية الليل؛ فقال: والقمر ؛ ومعناه في قراءة ؛ ابن كثير ؛ ونافع ؛ وأبي عمرو عن وروح يعقوب؛ بالرفع: يجري لمستقر له؛ ونصبه الباقون؛ دلالة على عظمة هذا الجري؛ لسرعته بقطعه في شهر ما تقطعه الشمس في سنة؛ ولذلك ضعف الفعل المفسر للناصب؛ وأعمله في ضمير "القمر"؛ ليكون مذكورا مرتين؛ فيدل على شدة العناية؛ تنبيها على تعظيم الفعل فيه؛ وأعاد مظهر العظمة؛ فقال - مستأنفا؛ في قراءة الرفع -: قدرناه ؛ أي: قسناه قياسا عظيما؛ أي: قسنا لسيره؛ منازل ؛ ثمانية وعشرين؛ ثم يستسر ليلتين؛ عند التمام؛ وليلة للنقصان؛ لا يقدر يوما أن يتعداه؛ قال الأستاذ أبو القاسم القشيري: يبعد عن الشمس؛ ولا يزال يتباعد حتى يعود بدرا؛ ثم يدنو؛ فكلما ازداد من الشمس دنوا ازداد في نفسه نقصانا؛ إلى أن يتلاشى؛ حتى عاد ؛ أي: بعد أن كان بدرا عظيما؛ كالعرجون ؛ من النخل؛ وهو عود العذق؛ ما بين شماريخه إلى منتهاه؛ وهو منبته من النخلة [ ص: 132 ] دقيقا منحنيا؛ وهو "فعلول"؛ ذكره أهل اللغة في "النون"؛ وقالوا: "عرجن الثوب": صور فيه صور العراجين؛ وقال المفسرون: إنه من "عرج"؛ أي: اعوج؛ ولما كانت حمرته آخذة إلى صفرة؛ قال: القديم ؛ أي: المحول؛ فإن العرجون إذا طال مكثه صار كذلك؛ فدق؛ وانحنى؛ واصفر.