الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما تشوفت النفس إلى سماع ما يقولون إذا عاينوا ما كانوا ينكرون؛ استأنف قوله: قالوا ؛ أي: الذين هم من أهل الويل من عموم الذين قاموا بالنفخة؛ وهم جميع من كان قد مات قبل ذلك؛ ولما كانوا عالمين بأن جزاء ما أسلفوا كل خزي؛ أتبعوه قولهم - حاكيا - سبحانه - عبارتهم إذ ذاك؛ لأنه أنكى لهم -: يا ويلنا ؛ أي: ليس [ ص: 143 ] بحضرتنا اليوم شيء ينادمنا إلا الويل؛ ثم استفهموا؛ جريا على عادتهم في الغباوة؛ فقالوا - مظهرين لضميرهم؛ تخصيصا للويل بهم؛ لأنهم في معرض الشك -: من بعثنا من مرقدنا ؛ عدوا مكانهم الذي كانوا به - مع ما كانوا فيه من عذاب البرزخ - مرقدا هنيئا بالنسبة إلى ما انكشف لهم أنهم لاقوه من العذاب الأكبر؛ ووحدوه إشارة إلى أنهم على تكاثرهم؛ وتباعدهم؛ كانوا في القيام كنفس واحدة؛ ثم تذكروا ما كانوا يحذرونه من أن الله هو يبعثهم للجزاء؛ الذي هو رحمة الملك لأهل مملكته؛ فقالوا مجيبين لأنفسهم - استئنافا -: هذا ما ؛ أي: الوعد الذي؛ وعد ؛ أي: به؛ وحذفوا المفعول تعميما؛ لأنهم الآن في حيز التصديق؛ الرحمن ؛ أي: العام الرحمة؛ الذي رحمانيته مقتضية؛ ولا بد؛ للبعث؛ لينصف المظلوم من ظالمه؛ ويجازي كلا بعمله؛ من غير حيف؛ وقد رحمنا بإرسال الرسل إلينا بذلك؛ وطالما أنذرونا حلوله؛ وحذرونا صعوبته وطوله؛ ولما كان التقدير: "فصدق الرحمن"؛ عطف عليه قوله: وصدق ؛ أي: في أمره؛ المرسلون ؛ أي: الذين أتونا بوعده؛ ووعيده؛ فالله الذي تقدم وعده به؛ وأرسل به رسله؛ هو الذي بعثنا؛ تصديقا لوعده؛ ورسله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية