الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان - سبحانه - قد جعل أكثر جند هذا النبي الكريم من الملائكة؛ فأيده بهم في حالتي المسالمة؛ والمصادمة؛ وحرسه ممن أراده في مكة المشرفة؛ وبعدها بهم؛ ذكره ذلك؛ بقوله - عاطفا على ما [ ص: 116 ] تقديره: "وما أنزلنا على قومه قبل قتلهم له من جند من السماء؛ يحول بينهم وبين ذلك؛ كما فعلنا بك؛ إذ أراد أبو جهل قتلك بالصخرة؛ وأنت ساجد عند البيت؛ وغيره بغير ذلك؛ مما هو مفصل في السير؛ وأما بعد الهجرة ففي غزوة "الأحزاب"؛ إذ أرسلنا عليهم ريحا؛ وجنودا ردتهم خائبين؛ وفي غزوة "أحد"؛ و"بدر"؛ و"حنين"؛ وغير ذلك -: وما أنـزلنا ؛ بما لنا من العظمة؛ على قومه ؛ أي: صاحب "يـس"؛ من بعده ؛ أي: بعد قتله؛ وأعرق في النفي بقوله: من جند ؛ وحقق المراد بقوله: من السماء ؛ أي: لإهلاكهم؛ وحقق أن إرسال الجنود السماوية أمر خص به - صلى الله عليه وسلم - لأنه لحكم ترجع إلى النصرة بغير الاستئصال؛ فإنهم يتبدون في صور الآدميين؛ ويفعلون أفعالهم؛ وأما عذاب الاستئصال فإن السنة الإلهية جرت بأنه لا يكون بأكثر من واحد من الملائكة؛ لأنه أدل على الاقتدار؛ فلذلك قال (تعالى): وما كنا منـزلين ؛ أي: ما كان ذلك من سنتنا؛ وما صح في حكمتنا أن يكون عذاب الاستئصال بجند كثير؛

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية