ولما دل ذلك على الموت قطعا؛ عقبه بالبعث؛ ولذلك عبر فيه بالنفخ؛ فإنه معروف في إفاضة الروح؛ فقال: ونفخ في الصور ؛ أي: الذي أخذتهم صيحته؛ وجهله إشارة إلى أنه لا توقف له في نفس الأمر على نافخ معين؛ ليكون عنه ما يريد - سبحانه - من الأثر؛ بل من أذن له الله كائنا من كان؛ تأثر عن نفخه ما ذكر؛ وإن كنا [ ص: 142 ] نعلم أن المأذون له إسرافيل - عليه السلام.
ولما كان هذا النفخ سببا لقيامهم عنده؛ سواء؛ من غير تخلف؛ عبر - سبحانه - بما يدل على التعقب؛ والتسبب؛ والفجاءة؛ فقال: فإذا هم ؛ أي: في حين النفخ؛ من الأجداث ؛ أي: القبور المهيأة؛ هي ومن فيها؛ لسماع ذلك النفخ؛ إلى ربهم ؛ أي: الذي أحسن إليهم بالتربية؛ والتهيئة لهذا البعث؛ فكفروا إحسانه؛ لا إلى غيره؛ ينسلون ؛ أي: يسرعون المشي؛ مع تقارب الخطا؛ بقوة ونشاط؛ فيا لها من قدرة شاملة؛ وحكمة كاملة؛ حيث كان صوت واحد يحيي تارة؛ ويميت أخرى؛ كأنه ركب فيه من الأسرار أنه يكسب كل شيء ضد ما هو عليه؛ من حياة؛ أو موت؛ أو غشي؛ أو إفاقة.