ولما كانت النفس لا يتم سرورها إلا بالقرين الملائم؛ قال: هم ؛ أي: بظواهرهم؛ وبواطنهم؛ وأزواجهم ؛ أي: أشكالهم الذين هم في غاية الملاءمة؛ كما كانوا يتركونهم في المضاجع على ألذ ما يكون؛ ويصفون أقدامهم في خدمتنا وهم يبكون؛ في ظلال ؛ أي: يجدون فيها برد الأكباد؛ وغاية المراد؛ كما كانوا يشوون أكبادهم في دار العمل بحر الصيام؛ وتجرع مرارات الأوام؛ والصبر في مرضاتنا على الآلام؛ ويقرون أيديهم وقلوبهم عن الأموال؛ ببذل الصدقات في سبلنا على مر الأيام؛ وكر الليالي؛ وقراءة ؛ حمزة ؛ بضم الظاء؛ وحذف [ ص: 147 ] الألف؛ على أنه أشد امتدادا؛ ويدل اتفاقهما في الجمع على أن الظل فيها مختلف باختلاف الأعمال. والكسائي
ولما كان التمتع لا يكمل إلا مع العلو الممكن من زيادة العلم؛ الموجب لارتياح النفس؛ وبهجة العين؛ بانفساح البصر عند مد النظر؛ قال: على الأرائك ؛ أي: السرر المزينة؛ العالية؛ التي هي داخل الحجال؛ قال : قال البغوي ثعلب: لا يكون أريكة حتى يكون عليها حجلة؛ وقال : "الأرائك": الحجال؛ فيها السرر؛ وروى ابن جرير أبو عبيد ؛ في كتاب الفضائل؛ عن قال: كنا لا ندري ما الأرائك؛ حتى لقينا رجلا من أهل الحسن اليمن؛ فأخبرنا أن الأريكة عندهم الحجلة فيها السرير؛ وهذا جزاء لما كانوا يلزمون المساجد؛ ويغضون الأبصار؛ ويضعون نفوسهم لأجلنا؛ متكئون ؛ كما كانوا يدأبون في الأعمال قائمين بين أيدينا في أغلب الأحوال؛ و"الاتكاء": الميل على شق؛ مع الاعتماد على ما يريح الاعتماد عليه؛ أو الجلوس مع التكمن على هيئة المتربع؛ وقراءته بضم [ ص: 148 ] الكاف؛ وحذف الهمزة؛ أدل على التربع؛ وما قاربه؛ وقراءة كسر الكاف؛ وضم الهمزة أدل على القرب من التمدد؛ لما فيها من الكسرة؛ فإنه يقال - كما نقله -: "أتكأت الرجل اتكاء"؛ إذا وسدته؛ أي جعلت له وسادة؛ أي: مخدة يستريح عليها.
أبو عبد الله القزاز