( ولو ) ( فرجوع ) ; لأنه أحدث بالخلط زيادة لم يرض بتسليمها ولا يمكن بدونها ( أو بمثلها فلا ) قطعا ; لأنه لم يحدث تغيير إذ لا فرق بين المثلين ( وكذا بأردأ في الأصح ) قياسا على تعييب الموصى به أو إتلاف بعضه ( أوصى بصاع من صبرة ) معينة ( فخلطها ) هو أو مأذونه ( بأجود منها ) خلطا لا يمكن معه التمييز ( وعجن دقيق ) وطبخ لحم وشيه وجعله وهو لا يفسد قديدا ( وغزل قطن ) أو جعله حشوا ما لم يتحد الموصى له بالثوب والقطن كما بحثه ( وطحن حنطة ) معينة ( وصى بها ) أو ببعضها ( وبذرها ) الأذرعي ويلحق به نظائره بشرط أن لا يزول اسم أحد المعينين بما فعله وجعل خشبة بابا وخبز فتيتا وعجين خبزا ، والفرق بينه وبين تجفيف الرطب لا يخفى إذ يقصد به البقاء ، فهو كخياطة ثوب مقطوع أوصى به ، وكتقديد لحم يفسد ، ويفرق بين هذا وخبز العجين مع أنه يفسد لو تركه بأن التهيئة للأكل في الخبز أغلب وأظهر منها في القديد ( ونسج غزل ) مثلا ( وقطع ثوب قميصا وبناء وغراس في عرصة رجوع ) سواء أكان بفعله أم بفعل مأذونه سواء أسماه باسمه أم قال بهذا أم بما في هذا البيت مثلا لإشعار ذلك كله بالإعراض ، هذا كله في المعين كما تقرر ، فلو أوصى بنحو ثلث ماله ثم تصرف في جميعه ولو بما يزيل الملك أو هلك ماله لم يكن رجوعا ; لأن العبرة بثلث ماله الموجود عند الموت لا الوصية ، ولو اختص نحو الغراس ببعض العرصة اختص الرجوع بمحله .
واعلم أن الحاصل في ذلك أن ما أشعر بالإعراض إشعارا قويا يكون رجوعا وإن لم يزل به الاسم حيث كان منه أو من مأذونه ، وما يزول به الاسم يحصل به الرجوع وإن كان بفعل أجنبي من غير إذن بناء على أنهما علتان مستقلتان وهو المعتمد ، [ ص: 97 ] وخرج بالبناء والغراس الزرع وبقطع الثوب لبسه لضعف إشعارهما بذلك ، ومن ثم لو دام بقاء أصوله : أي بالمعنى المار في الأصول والثمار فيما يظهر كان كالغراس ، وتقدم أنه لو ; لأن الجملة اثنان ونسبة كل إليها النصف فهو على طبق ما يأتي من أوصى بشيء لزيد ثم لعمرو وشرك بينهما الشيخين ، وإن وهم فيه بعضهم زاعما أن محل التشريك هنا هو محل الرجوع نظير ما يأتي عن الإسنوي ، فإذا رد أحدهما أخذ الآخر الجميع ، بخلاف ما لو أوصى به لهما ابتداء فرد أحدهما يكون النصف للوارث دون الآخر ; لأنه لم يوجب له سوى النصف نصا ، ولو أوصى بها لواحد ثم بنصفها لآخر كانت أثلاثا ثلثاها للأول وثلثها للثاني ، وما ادعاه الإسنوي من أن هذا غلط وأن الصواب أنها أرباع بناء على أن محل التشريك هو محل الرجوع هو الغلط ; لأن المرعي عندهم في ذلك طريقة العول بأن يقال معنا مال ونصف مال فيضم النصف إلى الكل فتكون الجملة ثلاثة تقسم على النسبة فيكون لصاحب المال ثلثاه ولصاحب النصف الثلث ، وقد ذكرها الشيخان في القسم الثاني في حساب الوصايا ، ويستأنس لهذا من القرآن بأن الله تعالى جعل للابن إذا انفرد جميع المال وللبنت إذا انفردت النصف ، فإذا اجتمعا أخذ الابن قدرها مرتين ، فكذلك قلنا يعطى الموصى له بالجميع الثلثين والموصى له بالنصف الثلث ، هذا هو الصواب والذي في المهمات سهو . وقد يجمع بينهما بأن كلام الإسنوي عند احتمال إرادة الموصي التشريك بينهما ، وكلام الشيخين عند انتفائه كما يرشد إليه تعليل أصل المسألة .
ولو أوصى له مرة ثم مرة أتى فيه ما مر في الإقرار من التعدد والاتحاد كما قاله بعضهم ، لكن يرد عليه ما لو أوصى بمائة ثم بخمسين وليس له إلا خمسون لتضمن الثانية الرجوع عن بعض الأولى .
ذكره النووي ، وأخذ منه بعضهم أنه لو أوصى بثلثه لزيد ثم بثلثه له ولعمرو تناصفاه وبطلت الأولى ، ولو كان لعمرو ربعها ; لأنها من جملة ماله الموصى له بثلثه فهو كما لو أوصى لإنسان بعين ولآخر بثلثها فيكون للآخر ربعها على قياس ما مر عن أوصى لزيد بعين ثم لعمرو بثلث ماله الشيخين .