الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( أو ) أوصى ( لجمع معين غير منحصر ) ( كالعلوية ) وهم المنسوبون لعلي وإن لم يكونوا من فاطمة كرم الله وجهها والهاشمية وبني تميم ( صحت ) هذه الوصية ( في الأظهر وله الاقتصار على ثلاثة ) كالوصية للفقراء والثاني البطلان ; لأن التعميم يقتضي الاستيعاب وهو ممتنع بخلاف الفقراء فإن عرف الشرع خصصه بثلاثة فاتبع ، ورد بأن الوصايا يتبع فيها عرف الشرع غالبا حيث علم ( أو ) أوصى ( لأقارب زيد ) مثلا أو رحمه ( دخل كل قرابة له وإن بعد ) وارثا وكافرا وغنيا وفقيرا وضدهم فيجب استيعابهم والتسوية بينهم وإن كثروا ، وشق استيعابهم كما شمله كلامهم ، ولا يعارضه قولهم لو لم ينحصروا فكالعلوية ; لأن محله عند تعذر حصرهم ، وذلك ; لأن هذا اللفظ يذكر عرفا شائعا لإرادة جهة القربة فعم ، ومن ثم لو لم يكن له إلا قريب صرف له الكل ، ولم ينظروا لكون ذلك اللفظ جمعا فاستوى الأبعد مع غيره مع كون الأقارب جمع أقرب وهو أفعل تفضيل ، ويؤخذ من قولهم المار إنه يدخل فيهم غير الوارث ما لو كان قريبه رقيقا فتصح ويكون نصيبه لسيده ، وهو الأوجه كما بحثه الناشري ، وإن تعقبه في الإسعاد فقال : ينبغي دخولهم إن لم يكن له أقارب أحرار ، فإن كانوا فلا دخل لهم معهم لعدم قصدهم بالوصية ( إلا أصلا ) أي أبا أو أما ( وفرعا ) أي ولدا ( في الأصح ) إذ لا يسمون أقارب عرفا : أي بالنسبة للوصية فلا ينافي تسميتهما أقارب في غير ذلك .

                                                                                                                            والثاني يدخلان لدخولهما في الوصية لأقرب أقاربه ، وعدل عن قول المحرر الأصول والفروع لإفادة دخول الأجداد والجدات والأحفاد في الأقارب ( ولا تدخل قرابة أم في وصية العرب في الأصح ) إذا كان الموصي عربيا ; لأنهم لا يفتخرون بها ولا يعدونها قرابة والثاني تدخل في وصية العرب كالعجم ، وقواه في الشرحين وصححه في الروضة وجرى عليه ابن المقري واعتمده الزركشي وغيره ، وهو المعتمد فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال { سعد خالي [ ص: 82 ] فليرني امرؤ خاله } ويدخلون في الرحم اتفاقا ( والعبرة ) في ضبط الأقارب ( بأقرب جد ينسب إليه زيدا ) أو أمه بناء على دخول أقاربها ( وتعد أولاده ) أي ذلك الجد ولا يدخل ( قبيلة واحدة ) ولا يدخل أولاد جد فوقه أو في درجته فلو أوصى لأقارب حسن لم تدخل الحسينيون وإن انتموا كلهم إلى علي كرم الله وجهه ، أو لأقارب الشافعي دخل كل من ينسب لشافع ; لأنه أقرب جد عرف به الشافعي لا لمن ينسب لجد بعض شافع كأولاد أخوي شافع علي والعباس ; لأنهم إنما ينسبون للمطلب أو لأقارب بعض أولاد الشافعي دخل فيها أولاده دون أولاد جده شافع ، ومر في الزكاة آله صلى الله عليه وسلم فلو أوصى لآل غيره صحت وحمل على القرابة في أوجه الوجهين كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى لا على اجتهاد الحاكم ، وأهل البيت كالآل . نعم تدخل الزوجة فيهم أيضا أو لأهلهم من غير ذكر البيت دخل كل من تلزمه مؤنته أو لآبائه دخل أجداده من الطرفين أو لأمهاته دخلت جداته منهما أيضا ، ولا تدخل الأخوات في الإخوة كعكسه والأحماء آباء الزوجة ، وكذا أبو زوجة كل محرم حم ، والأصهار يشمل الأختان والأحماء ، ويدخل في المحرم كل محرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة ، والوصية للموالي كالوقف عليهم ( ويدخل في أقرب أقاربه ) أي زيد ( الأصل ) ، أي الأبوان ( والفرع ) أي الولد ، ثم غيرهما عند فقدهما على التفصيل الآتي رعاية لوصف الأقربية المقتضي لزيادة القرب أو قوة الجهة ، وبهذا الذي دل عليه قوله وأخ على جد اندفع الاعتراض عليه بأنه يوهم أن ثم أقرب من غير الأصول والفروع ، واندفع قول بعض الشراح المراد بالأصل الأب والأم وأصولهما .

                                                                                                                            ولو أوصى لجماعة من أقرب أقارب زيد وجب استيعاب الأقربين ، واستشكال الرافعي بأن القياس بطلان الوصية ; لأن لفظ جماعة منكر فهو كما لو أوصى لأحد رجلين أو لثلاثة لا على التعيين من جماعة معينين يمكن الجواب عنه بأن ما ذكره فيه إيهام من كل وجه من غير قرينة تبينه ، وما هنا ليس كذلك ; لأنه لما ربط الموصى لهم بوصف الأقربية علم أن مراده إناطة الحكم بها من غير نظر للتبعيض الذي دلت عليه من ( والأصح تقديم ) الفروع وإن سفلوا ولو من أولاد البنات الأقرب فالأقرب ، فيقدم ولد الولد على ولد ولد الولد ثم الأبوة ثم الأخوة ولو من الأم ثم بنوة الأخوة ثم الجدودة من قبل الأب أو الأم القربى فالقربى نظرا في الفروع إلى قوة الإرث والعصوبة في الجملة ، وفي الإخوة إلى قوة البنوة فيها في الجملة ثم بعد الجدودة العمومة والخئولة فيستويان ثم بنوتهما ويستويان أيضا ، لكن بحث ابن الرفعة تقديم العم والعمة على أبي الجد والخال [ ص: 83 ] والخالة على جد الأم وجدتها انتهى .

                                                                                                                            قال غيره : وكالعم في ذلك ابنه كما في الولاء إذا تقرر ذلك علم منه تقديم ( ابن ) وبنت وذريتهما ( على أب وأخ ) وذريته من أي جهاته ( على جد ) من أي جهاته ، والثاني يسوى بينهما فيهما لاستواء الأولين في الرتبة والآخرين في الدرجة لإدلائهما بالأب ( ولا يرجع بذكورة ووراثة بل يستوي الأب والأم والابن والبنت ) والأخ والأخت لاستواء الجهة من كل .

                                                                                                                            نعم الشقيق مقدم على غيره والأخ للأب مع الأخ للأم مستويان ( ويقدم ابن البنت على ابن ابن الابن ) ; لأنه أقرب منه في الدرجة ( ولو أوصى لأقارب نفسه لم تدخل ورثته في الأصح ) اعتبارا بعرف الشرع لا بعموم اللفظ ، ولأن الوارث لا يوصى له غالبا فيختص بالباقين والثاني وهو الأقوى في الشرح الصغير يدخلون ; لأن اللفظ يتناولهم ثم يبطل نصيبهم ويصح الباقي لغير الورثة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وهو ممتنع ) أي متعذر ( قوله : وارثا وكافرا وغنيا ) قد يخالف هذا ما مر عن حج من أنه لو أوصى لجيرانه أو العلماء أو نحوهم لا تدخل الورثة ; لأنهم لا يوصى لهم عادة ، ويجاب بأن الذين لا يوصى لهم عادة ورثة الموصي ، فلو أوصى لأقاربه نفسه لم تدخل ورثته كما يأتي ، والموصى لهم هنا هم أقارب زيد وهم من غير ورثة الموصي ، وعليه فلو اتفق أن بعض أقارب زيد كان من ورثة الموصي لم يدفع له شيء ( قوله : فاستوى الأبعد ) عطف على قوله لو لم يكن إلخ : أي ومن أجل كون المقصود به عرفا الجهة لم ينظر إلى العدد ولا لكونه اسم تفضيل ( قوله : جمع أقرب ) في المختار ما يفيد أنه جمع قريب حيث قال والقرابة الرحم ، [ ص: 82 ] إلى أن قال : وهم أقربائي وأقاربي والعامة تقول هم قرابتي وهم قرباتي ( قوله : نعم تدخل الزوجة فيهم ) أي في أهل البيت ( قوله : والأحماء آباء الزوجة ) هذا خلاف المشهور في العربية من أنهم أقارب الزوج ، وعبارة المختار : وحماة المرأة أم زوجها لا لغة فيها غير هذه ، وفي المصباح حماة الزوجة وزان حصاة أم زوجها لا يجوز فيها غير القصر .

                                                                                                                            والحما : كل قريب للزوج مثل الأب والأخ والعم ، وفيه أربع لغات حما مثل عصا وحم مثل يد وحموها مثل أبوها يعرب بالحروف وحمء بالهمز مثل خبء وكل قريب من قبل المرأة فهم الأختان .

                                                                                                                            قال ابن فارس : الحم أبو الزوج وأبو امرأة الرجل ، وقال في المحكم أيضا : وحم الرجل أبو زوجته أو أخوها أو عمها ، فتحصل من هذا أن الحم يكون من الجانبين كالصهر ، وهكذا نقله الخليل عن بعض العرب انتهى ( قوله : الأختان ) أي أقارب الزوجة ( قوله : كالوقف عليهم ) أي فيشمل العتيق والمعتق ( قوله : وجب استيعاب الأقربين ) يتأمل هذا مع قوله من أقرب أقارب زيد ، وما المراد من الأقربين الذين يجب استيعابهم ( قوله : لكن بحث ابن الرفعة إلخ ) ضعيف [ ص: 83 ] قوله نعم الشقيق مقدم على غيره ) أي هنا وفي الوقف .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : فقد صح { أنه صلى الله عليه وسلم قال سعد خالي } إلخ ) أي فيمنع كون العرب لا تفتخر بها الذي [ ص: 82 ] علل به الأول ( قوله : من غير الأصول والفروع ) من فيه بيانية .




                                                                                                                            الخدمات العلمية