الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وعلى المودع ) بفتح الدال ( تعريض ثياب الصوف ) ونحوها من شعر ووبر وغيرهما ( للريح ) وإن لم يأمره المالك به فيخرجها حتى من صندوق مقفل علم بها فيه ففتحه لنشرها ، والأوجه أنه إن أعطاه مفتاحه لزمه الفتح وإلا جاز له ( كي لا يفسدها الدود وكذا ) عليه ( لبسها ) بنفسه إن لاق به ( عند حاجتها ) بأن تعين طريقا لدفع الدود بسبب عبق ريح الآدمي بها .

                                                                                                                            نعم إن لم يلق به لبسها ألبسها من يليق به بهذا القصد قدر الحاجة مع ملاحظته كما قاله الأذرعي ، فإن ترك ذلك ضمن ما لم ينهه .

                                                                                                                            نعم لو كان ممن لا يجوز له لبسه كثوب حرير ولم يجد من يلبسه ممن يجوز له لبسه أو وجده ولم يرض إلا بأجرة فالأوجه الجواز بل الوجوب ، ولو كانت الثياب كثيرة بحيث يحتاج لبسها إلى مضي زمن يقابل بأجرة فالأقرب أن له رفع الأمر إلى الحاكم ليفرض له أجرة في مقابلة لبسها إذ لا يلزمه أن يبذل منفعته مجانا كالحرز وأفهم قوله كي لا إلى آخره وجوب ركوب دابة أو تسييرها خوفا عليها من الزمانة لطول وقوفها ، وهو كذلك كما قاله الأذرعي وجعله الزركشي مثالا وأن الضابط خوف الفساد ، ولو تركها لكونها بنحو صندوق ولم يعلم بها أو لم يعطه مفتاحه لم يضمنها ، ولو ترك الوديع شيئا مما لزمه لجهل بوجوبه عليه وعذر لنحو بعده عن العلماء ، ففي تضمينه وقفة لكنه مقتضى إطلاقهم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وإلا جاز له ) ظاهره وإن أدى فتحه إلى إتلاف القفل وهو قريب إن كان النقص للقفل دون النقص الحاصل بترك التهوية ( قوله : بأن تعين طريقا لدفع الدود ) قال حج : ولا بد من نية نحو اللبس لأجل ذلك وإلا ضمن به ، ويوجه في حال الإطلاق بأن الأصل الضمان حتى يوجد له صارف ( قوله : لدفع الدود ) جمع دودة ويجمع على ديدان بالكسر انتهى مختار ( قوله : بهذا القصد ) أي فلو أطلق ضمن حج ( قوله : ضمن ما لم ينهه ) أي فإن نهاه وترك التهوية ونحوها فلا ضمان وبقي ما لو نهاه عن ذلك فخالف ولبسها أو هواها أو نحو ذلك فهل يضمن إذا تلفت بعد ذلك لفعله ما نهي عنه أو لا لما فعله من المصلحة للمالك فلا يلتفت لنهيه عنه ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني كما لو نهاه عن الأقفال فأقفل ( قوله : فالأوجه الجواز ) أي جواز اللبس للوديع ( قوله : بل الوجوب ) قد يتوقف في الوجوب بل في الجواز من أصله ، إذ لا ضرورة للبسه مع وجود من يليق به لبسها ، بل القياس أن يرفع أمرها للحاكم ليستأجر من يلبسها ( قوله : لكنه ) أي التضمين مقتضى إطلاقهم معتمد .

                                                                                                                            ويوجه بأن الضمان هنا من خطاب الوضع ولا يفترق فيه الحال بين العلم والجهل .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله فالأوجه الجواز ) أي جواز اللبس ( قوله : لم يضمنها ) وتقدم أنه يجوز له الفتح




                                                                                                                            الخدمات العلمية