الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : قال المزني - رحمه الله - : " إذا جعل للمشركة أن تحضره في المسجد وعسى بها مع شركها أن تكون حائضا كانت المسلمة بذلك أولى " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا الكلام من المزني بيان عما يذهب إليه من جواز دخول الجنب والحائض من المسلمين إلى المساجد ، كما يجوز دخول أهل الذمة إليها وإن كان منهم جنب وحائض .

                                                                                                                                            والجواب عنه : أننا إذا لم نعلم أن الداخل جنب ولا حائض لم تمنع ، ولأن الظاهر أنه ليس بجنب ولا حائض ، وإن علمنا أنه جنب أو حائض قد أمن تنجيس المسجد بدمها ، ففي جواز تمكينهم من دخول المساجد وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يمنعون منها ولا يمكنون كما يمنع المسلم ، فعلى هذا يسقط استدلاله .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنهم يمكنون ولا يمنعون من الدخول مع الجنابة والحيض إلا أن لا يؤمن بتنجيس المسجد بدم الحيض ، فيمنعوا وإن خالفوا فيه المسلمين .

                                                                                                                                            والفرق بينهما أن المسلم ملتزم لحرمة المسجد وتعظيمه فلزمه اجتنابه مع تغليظ حدثه ، وليس المشرك ملتزما لهذه الحرمة فلم يلزمه اجتنابه مع حدثه ، فإن اختلف الزوج المسلم والزوجة الذمية في موضع لعانهما من مسجد أو كنيسة ، فالقول فيه قول الزوج دونها لأن التغليظ عليها في اللعان حق له عليها ، فإن دعت إلى لعانها في المسجد وقال الزوج في الكنيسة ، كان القول قول الزوج أولى ليستوفي حقه في التغليظ عليها ، وإن دعت الزوجة إلى لعانها في الكنيسة ودعى الزوج إلى لعانها في المسجد فالقول قوله ؛ لأنه قد أسقط حقه من التغليظ عليها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية