الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإن أراد الحاكم أن يلاعن بين الأعجميين بالأعجمية لم يخل أن يكون عارفا بلسانهما أو غير عارف ، فإن كان عارفا بلسانهما لم يحتج إلى ترجمان وجعل الحاضرين للعانهما من يعرفون الأعجمية ، أو يكون فيهم ممن يعرفها العدد المأمور به وهم أربعة ، وإن كان الحاكم لا يعرف لسانهما احتاج إلى ترجمان ، واختلف في الترجمة هل تكون خبرا أو شهادة ؟ .

                                                                                                                                            فجعلهما أبو حنيفة خبرا واعتمد فيها على ترجمة الواحد كالأخبار ، وهي عند الشافعي شهادة ، لأن الحاكم يحكم بها على غير المترجم فيما لم يعلمه إلا من المترجم فصارت عنده شهادة بإقرار ، فاقتضى أن يجري عليها حكم الشهادات ، وسنستوفي الكلام في موضعه من كتاب " الشهادات " .

                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن الترجمة شهادة فهي في هذا الموضع في لعان قد يجري عليه بعض أحكام الزنا ، والشهادة في الزنا معتبرة بما تضمنها ، فإن كانت على فعل الزنا لم تثبت بأقل من أربعة ، وإن كانت على الإقرار بالزنا فعلى قولين :

                                                                                                                                            [ ص: 72 ] أحدهما : أن الشهادة لا تكون بأقل من أربعة ؛ لأنها توجب حد الزنا كما توجبه الشهادة على فعل الزنا .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنها تثبت بشاهدين ، لأن الشهادة على فعل الزنا أغلظ من الشهادة على الإقرار بالزنا ، لأن الشهادة على فعله إذا لم تكمل أوجبت حد القذف وعلى الإقرار به لا توجبه ، وإذا كان كذلك فالترجمة لا يعتبر فيها عدد الشهود على فعل الزنا ، وهل يعتبر فيها عدد الشهود على الإقرار به أم لا ؟ على وجهين لأصحابنا : أحدهما : يعتبر فيهم عدد الإقرار به ؛ لأنه ربما تضمن اللعان إقرارا به ، فعلى هذا

                                                                                                                                            يكون في أحد القولين أربعة وفي الثاني شاهدين .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو أصحهما أنه يعتبر فيهم عدد الإقرار بغير الزنا في جواز الاقتصار على شاهدين ؛ لأنه ليس في المتلاعنين أقر بالزنا ، فإن أقر به أحدهما اعتبر حينئذ في إقراره شهادة المقر ، فعلى هذا يحمل قول الشافعي أربعة على الاختيار دون الوجوب ، أو على الجماعة الحضور دون المترجمين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية