فصل : وأما القسم الثاني : وهو أن يكون nindex.php?page=treesubj&link=10475ابن ملاعنة استحلفه أبوه وأقر أنه ولده ، فيقول له أجنبي : لست بابن فلان ، فظاهره القذف ، لأن الاحتمال فيه بعد الاستلحاق أقل ، فصار أغلب أحواله القذف ، فيؤخذ بالحد من غير سؤال اعتبارا بالأغلب بخلاف ما قدمناه في القسم الأول الذي تساوى فيه الاحتمال فيه هذا ما لم يدع احتمالا ممكنا ، فإن ادعاه وقال : أردت أنك لم تكن ابن فلان حين نفاك بلعانه وإن صرت ابنا له بعد استلحاقه ، فقوله محتمل فيقبل منه مع يمينه ولا يجب عليه الحد لاحتمال ما قال ، وإمكانه ، فإن قيل : فلو قال : يا زانية ، وقال : أردت زنا العين أو اليد لم يقبل منه ، وإن كان محتملا ووجب عليه الحد . فهلا كان في هذا الموضع هكذا يجب عليه الحد مع احتماله ؟

قيل : لأنه إذا رماها بالزنا كان قذفا صريحا في الظاهر والباطن فأخذ بالحد ولم ينو ، وفي هذا الموضع يكون تعريضا بقذف في الظاهر دون الباطن ؛ فلذلك جاز مع الاحتمال أن ينوي .

ويكون الفرق بين هذا القسم وبين القسم الأول : أنه في القسم الأول لا يحد حتى يسأل ، لأن لفظه كناية لا يتعلق به حكم إلا مع النية .

[ ص: 91 ] وفي هذا القسم ظاهر لفظه القذف ، فحد بالظاهر إلا أن يكون له بينة .

فَصْلٌ : وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي : وَهُوَ أَنْ يَكُونَ nindex.php?page=treesubj&link=10475ابْنَ مُلَاعَنَةٍ اسْتَحْلَفَهُ أَبُوهُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ وَلَدُهُ ، فَيَقُولُ لَهُ أَجْنَبِيٌّ : لَسْتَ بِابْنِ فُلَانٍ ، فَظَاهِرُهُ الْقَذْفُ ، لِأَنَ الِاحْتِمَالَ فِيهِ بَعْدَ الِاسْتِلْحَاقِ أَقَلُّ ، فَصَارَ أَغْلَبُ أَحْوَالِهِ الْقَذْفَ ، فَيُؤْخَذُ بِالْحَدِّ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ اعْتِبَارًا بِالْأَغْلَبِ بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي تَسَاوَى فِيهِ الِاحْتِمَالُ فِيهِ هَذَا مَا لَمْ يَدَّعِ احْتِمَالًا مُمْكِنًا ، فَإِنِ ادَّعَاهُ وَقَالَ : أَرَدْتُ أَنَّكَ لَمْ تَكُنِ ابْنَ فُلَانٍ حِينَ نَفَاكَ بِلِعَانِهِ وَإِنْ صِرْتَ ابْنًا لَهُ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ ، فَقَوْلُهُ مُحْتَمَلٌ فَيُقْبَلُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِاحْتِمَالِ مَا قَالَ ، وَإِمْكَانِهِ ، فَإِنْ قِيلَ : فَلَوْ قَالَ : يَا زَانِيَةُ ، وَقَالَ : أَرَدْتُ زِنَا الْعَيْنِ أَوِ الْيَدِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ . فَهَلَّا كَانَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هَكَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ مَعَ احْتِمَالِهِ ؟

قِيلَ : لِأَنَّهُ إِذَا رَمَاهَا بِالزِّنَا كَانَ قَذْفًا صَرِيحًا فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فَأُخِذَ بِالْحَدِّ وَلَمْ يَنْوِ ، وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَكُونُ تَعْرِيضًا بِقَذْفٍ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ ؛ فَلِذَلِكَ جَازَ مَعَ الِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْوِيَ .

وَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْقِسْمِ وَبَيْنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ : أَنَّهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَا يُحَدُّ حَتَّى يُسْأَلَ ، لِأَنَّ لَفْظَهُ كِنَايَةٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ إِلَّا مَعَ النِّيَّةِ .

[ ص: 91 ] وَفِي هَذَا الْقِسْمِ ظَاهِرُ لَفْظِهِ الْقَذْفُ ، فَحُدَّ بِالظَّاهِرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ .