الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والمسألة الثالثة : إذا قال لها : زنيت وأنت أمة ، فلها أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يعلم أنها أمة في الحال ، فيعزر لقذفها ولا يحد لنقصها عن حال الكمال ويلاعن من هذا التعزير ؛ لأنه تعزير قذف .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يعلم أنها حرة في الحال وأمة من قبل ، فيعزر تعزير قذف ولا يحد ، فإن اختلف في القذف فقالت : أردت به قذفي بعد الحرية وقال : أردت به قذفك قبلها ، فعلى قول أبي القاسم الداركي ، وأبي حامد الإسفراييني : القول قولها مع يمينها ويحد لها ، وعلى ما أراه وأصح القولين : أن القول قوله مع يمينه ويعزر ولا يحد .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يعلم أنها لم تزل حرة ، فيحد لقذفها ولا يعزر لرميها بالرق ، وإن عزر لرميها بالكفر ؛ لأن الكفر اعتقاد يمكن حدوثه بعد الإسلام .

                                                                                                                                            فصار في الرمي به معرة ، والرق لا يمكن حدوثه بعد الحرية في مسلم ، فلم يكن في الرمي به معرة فافترقا في التعزير لافتراقهما في المعرة .

                                                                                                                                            والحال الرابعة : أن يجهل حالها في تقدم الرق مع تحقق حريتها في الوقت ، ففيه عند اختلافهما قولان :

                                                                                                                                            [ ص: 112 ] أحدهما : أن القول قوله مع يمينه أنها كانت أمة ويعزر لها تعزير القذف ولا يحد ؛ لأن دار الإسلام تجمع الأحرار والمماليك . والحدود تدرأ بالشبهات .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن القول قولها مع يمينها أنها لم تزل حرة ، ويحد لها إلا أن يلتعن ، لأن الأصل في الناس الحرية ، والرق طارئ ، فكان الظاهر معها ، ولو كان لواحد منهما بينة عمل على القولين معا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية