الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الحكم الثالث : وهو صفة الضمان فالكلام فيه يشتمل على فصلين : أحدهما : صفة ما تضمنه الزوج لزوجته المرتضعة ، وذلك معتبر بالمسمى في العقد وإن كان قدر مهر المثل فما زاد وجب لها نصف المسمى ، وإن كان أقل من مهر المثل كان مبنيا على اختلاف قول الشافعي في الذي بيده عقد النكاح . فإن قيل : إنه الزوج دون الأب لم يكن للأب أن يزوج بنته الصغيرة بأقل من مهر المثل فيكون المسمى إذا نقص منه باطلا ، ويجب لها نصف مهر المثل ، وإن قيل : إنه الأب ، ففي جواز تزويجه لها بأقل من مهر المثل وجهان : أحدهما : يجوز ؛ لأنه لما جاز له أن يبرئ من جميع المهر ، فأولى أن يزوج بأقل من مهر المثل ، فتكون لها نصف المسمى ، وإن نقص عن مهر مثلها . والوجه الثاني : وهو أصح أنه لا يجوز أن يزوجها بأقل من مهر مثلها ، وإن جاز أن يبرئ من جميع مهرها ؛ لأنه يبرئ منه بعد الطلاق ليستفيد مثله في النكاح المستقبل وخالف ابتداء العقد ؛ لأنه قد أسقط لها حقا لا يستفيد مثله . [ ص: 384 ] والفصل الثاني : صفة ما تضمنه المرضعة للزوج ، وهو نصف مهر المثل دون المسمى ، سواء زاد عليه أو نقص منه . وقال أبو حنيفة : يرجع عليها بنصف المسمى ؛ لأنه القدر الذي غرمه فلم يرجع إلا بمثله ، وهذا فاسد ؛ لأن الزوج ضمن المهر بالعقد فلم يلزمه إلا المسمى فيه ، والمرضعة استهلكت البضع بالتحريم فلزمها قيمة ما استهلكت وهو مهر المثل كمن استهلك على المشتري ما اشتراه لم يغرم إلا القيمة ، وإن غرم المشتري الثمن المسمى بزيادته ونقصه ، فعلى هذا لو كان مهر مثلها ألفا ، وقد أصدقها ألفين غرم لها ألفا ورجع على المرضعة بخمسمائة ؛ لأن الزيادة محاباة كالعطايا ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية