الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أرضعتها امرأة له كبيرة لم يصبها حرمت الأم ؛ لأنها من أمهات نسائه ، ولا نصف مهر لها ولا متعة ؛ لأنها المفسدة وفسد نكاح المرضعة بلا طلاق ؛ لأنها صارت وأمها في ملكه في حال ، ولها نصف المهر ويرجع على التي أرضعتها بنصف مهر مثلها " . قال الماوردي : وصورتها في رجل له زوجتان صغرى وكبرى ، أرضعت الكبرى الصغرى خمس رضعات فالكلام فيها يشتمل على ثلاثة أحكام : أحدها : فسخ النكاح . والثاني : ثبوت التحريم . والثالث : المهر . فأما الحكم الأول فهو بطلان النكاح ففيه أربعة مذاهب : أحدها : وهو قول ابن أبي ذؤيب : إن النكاح لا ينفسخ برضاع الضرائر . والمذهب الثاني : ما حكاه ابن بكير عن مالك أنه إذا لم يدخل بالكبرى بطل نكاحها ، وثبت نكاح الصغرى . والمذهب الثالث : وهو قول الأوزاعي : إنه إذا لم يدخل بالكبرى ثبت نكاحها وبطل نكاح الصغرى . والمذهب الرابع : وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وأكثر الفقهاء : إنه بطل بالرضاع نكاحهما معا سواء دخل بالكبرى ، أو لم يدخل ؛ لأنه صار جامعا بين امرأة وبنتها . وأما الحكم الثاني : وهو التحريم فتحرم عليه الكبرى على التأبيد ؛ لأنها من أمهات نسائه ، وأما الصغرى فتحريمها معتبر بحال الكبرى فإن دخل بها حرمت [ ص: 385 ] الصغرى ، وإن لم يدخل بها لم تحرم الصغرى ؛ لأنها من ربائبه وتحريم الربيبة يكون بدخوله بالأم . وأما الحكم الثالث : وهو المهر فللصغرى عليه نصف مهرها المسمى ؛ لأن فسخ نكاحها قبل الدخول كان من غيرها ، ويرجع على الكبرى بنصف مهر مثلها أو بجميعه على ما قدمناه . وأما مهر الكبرى ، فإن دخل بها فقد استحقت جميعه وإلا سقط بالرضاع كالمرتدة بعد الدخول ، وإن لم يدخل بها سقط مهرها ؛ لأن الفسخ من جهتها كالردة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية