الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                133 ص: وأما من طريق النظر: فإنا رأينا الوضوء يجب في أعضاء، فمنها ما حكمه أن يغسل، ومنها ما حكمه أن يمسح، فأما ما حكمه أن يغسل فالوجه، واليدان، والرجلان في قول من يوجب غسلهما، فكل قد أجمع أن ما وجب غسله من ذلك فلا بد من غسله كله، ولا يجزئ غسل بعضه دون بعض، فكان ما وجب مسحه من ذلك هو الرأس، فقال قوم: حكمه أن يمسح كله كما تغسل تلك الأعضاء كلها.

                                                وقال آخرون: يمسح بعضه دون بعض، فنظرنا فيما حكمه المسح كيف هو؟ فرأينا حكم المسح على الخفين قد اختلف فيه، فقال قوم: يمسح ظاهرهما وباطنهما، وقال آخرون: يمسح ظاهرهما دون باطنهما، فكل قد اتفق أن فرض المسح في ذلك هو على بعضهما دون مسح كلهما، فالنظر على ذلك أن يكون كذلك حكم مسح الرأس هو على بعضه دون بعض؛ قياسا ونظرا على ما بينا من ذلك، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن رحمهم الله.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي وأما حكم هذا الباب من وجه النظر والقياس وهذا قياس اقتراني جملي مشتمل على مقدمتين; لأن تقديره: فرض الرأس في الوضوء مسح كفرض الرجل التي في الخف، وكل رجل في الخف لا يجب استيعاب مسحه، ينتج: فرض الرأس لا يجب استيعاب مسحه ، وكلام الطحاوي ظاهر.

                                                [ ص: 286 ] قوله: "والرجلان في قول من يوجب غسلهما" وهم جمهور العلماء خلافا لابن جرير الطبري وطائفة يسيرة، فإنهم خيروا بين الغسل والمسح، وخلافا للروافض فإنهم أوجبوا المسح، وما جوزوا الغسل على ما سيأتي مفصلا إن شاء الله تعالى.

                                                قوله: "فقال قوم" وهم مالك ، وابن علية ، وأحمد في رواية.

                                                قوله: "وقال آخرون" وهم: أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي ، وغيرهم.

                                                قوله: "فقال قوم: يمسح ظاهرهما" وهم: مالك ، والشافعي ، والزهري ، وغيرهم.

                                                قوله: "وقال آخرون" وهم: النخعي ، والثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وإسحاق ، وغيرهم.




                                                الخدمات العلمية