الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                300 ص: حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان ، عن مسعر ، عن جبلة بن سحيم: " قال: سألت ابن عمر عن المني يصيب الثوب؟ قال: انضحه بالماء". " .

                                                قال أبو جعفر -رحمه الله-: فقد يجوز أن يكون أراد بالنضح: الغسل; لأن النضح قد يسمى غسلا، قال رسول الله - عليه السلام -: "إني لأعرف مدينة ينضح البحر بجانبها" يعني يضرب البحر بجانبها، ويحتمل أن يكون ابن عمر ، أراد غير ذلك.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا أيضا إسناد صحيح.

                                                وأخرجه عبد الرزاق : عن معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر مثله.

                                                قوله: "لأن النضح قد يسمى غسلا" وفي "المطالع" قوله: ونضح الدم عن جبينه أي غسله ونزعه، والنضح الصب أيضا، والنضخ: الرش، ومنه حديث بول الصبي: "فنضحه ويقال: غسله".

                                                وقوله: "وانضح فرجك بالماء" أي رشه; مخافة الوسواس. وقيل: اغسله. وهو أظهر هنا، وفي حديث دم الحيض "تقرصه بالماء ثم لتنضحه" أي تغسله. فإن قلت: أصل النضح الرش. يقال: نضح عليه الماء ونضحه به إذا رشه عليه.

                                                قلت: قد يستعمل في معنى الغسل كما ذكرنا، وإذا كثر الرش يكون غسلا.

                                                واستدل الطحاوي على أن النضح قد يسمى غسلا بحديث نضح البحر، أخرجه أحمد في "مسنده": ثنا يزيد ، أنا جرير ، أنا الزبير بن خريت ، عن أبي لبيد ، قال: "خرج رجل من ضاحية مهاجرا، يقال له: بيرح بن أسد ، فقدم المدينة بعد وفاة رسول الله - عليه السلام - فرآه عمر - رضي الله عنه - فعلم أنه غريب، فقال له: ممن أنت؟ فقال: من [ ص: 469 ] أهل عمان . قال: من أهل عمان ؟! قال: نعم. قال: فأخذ بيده فأدخله على أبي بكر - رضي الله عنه -فقال: هذا من أهل الأرض التي سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إني لأعلم أرضا يقال لها: عمان ، ينضح بناحيتها البحر بها [حي من العرب] لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر" .

                                                وأخرجه أبو يعلى أيضا في "مسنده" .

                                                قوله: "ويحتمل أن يكون ابن عمر - رضي الله عنهما - أراد غير ذلك" كأن يريد من النضح الرش لا الغسل، ويكون ذلك محمولا على ما إذا خفي مكانه.




                                                الخدمات العلمية