الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        37777 - قال مالك : والأمر عندنا في الذي يحفر البئر على الطريق ، أو يربط الدابة ، أو يصنع أشباه هذا على طريق المسلمين ، أن ما صنع من ذلك مما لا يجوز له أن يصنعه على طريق المسلمين ، فهو ضامن لما أصيب في ذلك من جرح أو غيره ، فما كان من ذلك عقله دون ثلث الدية فهو في ماله خاصة ، وما بلغ الثلث فصاعدا ، فهو على العاقلة ، وما صنع من ذلك مما يجوز له أن يصنعه على طريق المسلمين ، فلا ضمان عليه فيه ، ولا غرم ، ومن ذلك ، البئر يحفرها الرجل للمطر ، والدابة ، ينزل عنها الرجل للحاجة ، فيقفها على الطريق ، فليس على أحد في هذا غرم .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        37778 - قال أبو عمر : ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " والبئر جبار " . يعني أن من وقع في البئر ، فدمه هدر وليس على حافرها فيه شيء .

                                                                                                                        37779 - وكذلك لو وقعت في البئر دابة لأحد ، إلا أن ذلك على ما قاله مالك - رحمه الله - إذا حفرها في موضع له حفرها فيه ، ولم يكن بالحفر لها في ذلك الموضع متعديا ، وذلك أن يحفرها في ما يملكه من الأرض ، ولا ضرر فيه على غيره ، أو في مالا ملك لأحد فيه ، ولا يضر بأحد ، ونحو هذا .

                                                                                                                        37780 - وقال ابن القاسم ، عن مالك : له أن يحدث في الطريق بئرا للمطر ، والمرحاض يحفره إلى جانب حائطه والميزاب والظلة ، ولا يضمن ما عطب بذلك .

                                                                                                                        [ ص: 215 ] 37781 - قال : وما حفره في الطريق مما لا يجوز له حفره ، ضمن ما أعطب به .

                                                                                                                        37782 - قال مالك : وإن حفر بئرا في داره لسارق يرصده ليقع فيها ، أو وضع به حبالات ، أو شيئا مما يتلفه به ، فعطب به السارق ، فهو ضامن ، وكذلك إن عطب غير السارق .

                                                                                                                        37783 - وقال الليث : من حفر بئرا في داره ، أو طريق ، أو في رحبة له ، فوقع فيها إنسان ، فإنه لا يضمن ما حفر في داره أو في رحبة لا حق لأحد فيها .

                                                                                                                        37784 - قال : فإن ربط بعيرا أو دابة على طريق ، فعقرت على رباطها وانفلتت ، فإن كان ذلك من شأنها معلوما فعسى أن يضمن وإن كان ذلك شيئا لم يكن منها في ما خلا ، فلا أرى عليه شيئا .

                                                                                                                        37785 - وقال الشافعي : من وضع حجرا في أرض لا يملكها ضمن ما عطب به .

                                                                                                                        37786 - قال : ولو حفر في صحراء ، أو في طريق واسع ، فعطب به إنسان ، فلا شيء عليه ، كما لو وضعه في ملكه .

                                                                                                                        [ ص: 216 ] 37787 - وفي موضع آخر للمزني وقال الشافعي : ولو أوقف دابته في موضع ليس له أن يوقفها فيه ، ضمن ، ولو أوقفها في ماله ، لم يضمن .

                                                                                                                        37788 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : من أوقف دابته في الطريق ، مربوطة أو غير مربوطة ضمن ما أصابت بأي وجه ما أصابت .

                                                                                                                        37789 - وقالوا : يضمن كل ما كان العطب فيه من سببه ، وفي موضع يجوز له أن يحدثه فيه أو لا يجوز .

                                                                                                                        37790 - قالوا : وليس يبرئه ما جاز إحداثه له من الضمان ، كراكب الدابة ، يضمن ما عطب بها ، وإن كان له أن يتركها ويسير عليها .

                                                                                                                        37791 - قال أبو عمر : لم يختلفوا أنه يضمن في ما ليس له أن يحدثه وإنما اختلفوا في ما له أن يحدثه في غير ملكه .

                                                                                                                        37792 - قال أبو عمر : روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث معمر ، عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " النار جبار " .

                                                                                                                        37793 - وقال يحيى بن معين : أصله البئر ، ولكن معمر صحفه .

                                                                                                                        37794 - قال أبو عمر : لم يأت ابن معين على قوله هذا بدليل ، وليس هكذا ترد أحاديث الثقات .

                                                                                                                        [ ص: 217 ] 37795 - وذكر وكيع ، عن عبد العزيز بن حصين ، عن يحيى بن يحيى الغساني ، قال : أحرق رجل تبنا في مراح ، فخرجت شرارة من نار حتى أحرقت شيئا لجاره قال : فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز فكتب إلي : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " العجماء جبار " وأرى أن النار جبار .

                                                                                                                        37796 - قال أبو عمر : روي عن علي - رضي الله عنه - في فارسين اصطدما ، فمات أحدهما : يضمن الحي للميت .

                                                                                                                        وروي عن إبراهيم وحماد ، وعطاء ، فيمن استعان صبيا بغير إذن أهله ، أو مملوكا بغير إذن مولاه ، ضمن .




                                                                                                                        الخدمات العلمية