الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ويستحب إتباع رمضان بست من شوال ] ولمسلم وغيره من رواية سعد بن سعيد أخي يحيى بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب مرفوعا { من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فذاك صيام الدهر } سعد مختلف فيه ، [ ص: 107 ] وضعفه أحمد ، ورواه أبو داود عن النفيلي عن عبد العزيز هو الدراوردي عن صفوان بن سليم ، وسعد بن سعيد عن عمر ، فذكره ، وهو إسناد صحيح ، وكذا رواه النسائي عن خلاد بن أسلم عن الدراوردي ، ورواه أيضا من حديث يحيى بن سعيد عن عمر ، لكن فيه عتبة بن أبي حكيم ، مختلف فيه ، ورواه أحمد أيضا من حديث جابر مرفوعا ، وكذا من حديث ثوبان ، وفيه : { وستة أيام بعد الفطر } فلذلك استحب أحمد والأصحاب رحمهم الله لمن صام رمضان أن يتبعه بصوم ستة أيام من شوال . قال جماعة منهم صاحب المغني والمحرر : وإنما كره صوم الدهر لما فيه من الضعف والتشبه بالتبتل ، ولولا ذلك لكان فيه فضل عظيم ، لاستغراق الزمان بالطاعة والعبادة ، والمراد بالخبر التشبيه في حصول العبادة به على وجه لا مشقة فيه ، كما قال عليه السلام في أيام البيض . وهي مستحبة ، قال في المغني : بغير خلاف ، قال : وكذا نهى عبد الله بن عمرو عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث ، وقال : " من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن " أراد التشبيه بثلث القرآن في الفضل لا في كراهة الزيادة عليه ، وتحصل فضيلتها متتابعة ومتفرقة ، ذكره جماعة ، وهو ظاهر كلام أحمد ، وقال : في أول الشهر وآخره ، واستحب بعضهم تتابعها ، وهو ظاهر الخرقي وغيره ، وبعضهم : عقب العيد ، واستحبهما ابن المبارك والشافعي وإسحاق ، وهذا أظهر ، ولعله مراد أحمد والأصحاب ، لما فيه من المسارعة إلى الخير ، وإن حصلت الفضيلة [ ص: 108 ] بغيره ، وسمى بعض الناس الثامن عيد الأبرار ، واختاره شيخنا الأول ، لظاهر الخبر ، وذكره قول الجمهور وقال : ولا يجوز اعتقاد ثامن شوال عيدا ، فإنه ليس بعيد إجماعا ولا شعائره شعائر العيد ، والله أعلم . ويتوجه احتمال : تحصل الفضيلة بصومها في غير شوال ، وفاقا لبعض العلماء ، ذكره القرطبي ، لأن فضيلتها كون الحسنة بعشر أمثالها ، كما في خبر ثوبان ، ويكون تقييده بشوال لسهولة الصوم لاعتياده رخصة ، والرخصة أولى . ويتوجه تحصيل فضيلتها لمن صامها وقضاء رمضان وقد أفطره لعذر ، ولعله مراد الأصحاب ، وما ظاهره خلافه خرج على الغالب المعتاد ، والله أعلم . وكره أبو حنيفة ومالك صوم ستة أيام من شوال ، وذكر مالك أن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان ما ليس منه ، قال أصحابنا وغيرهم : يوم الفطر فاصل ، بخلاف يوم الشك .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية