الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويحرم على المحرم صيد صاده أو ذبحه إجماعا ، وكذا إن دل حلالا أو أعانه أو أشار ( و ) وكذا أكله ما صيد له ، نقله الجماعة ( و م ش )

                                                                                                          [ ص: 413 ] لأن في الصحيحين من حديث { الصعب بن جثامة أنه أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا فرده عليه ، فلما رأى ما في وجهي قال : إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم } .

                                                                                                          ولمسلم هذه القصة من حديث ابن عباس وفيه : رجل حمار ، وفي لفظ : شق حمار . وفي لفظ : عجز حمار يقطر دما . ولأحمد وابن ماجه والدارقطني بإسناد جيد في حديث أبي قتادة السابق قال : { ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له } ، قال أبو بكر النيسابوري : لا أعلم أحدا قاله غير معمر . وفي الصحيحين : { أنه أكل منه } .

                                                                                                          وعن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب عن جابر مرفوعا { لحم الصيد لكم في الإحرام حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم } رواه الشافعي وأحمد وأبو داود والنسائي : والترمذي وقال : لا نعرف للمطلب سماعا من جابر .

                                                                                                          وقال ابن أبي حاتم : يشبه أنه أدركه . ورواه أحمد أيضا من حديث عمرو عن رجل من الأنصار ومن حديثه أيضا : أخبرني رجل ثقة من بني سلمة عن جابر . وعمرو من رجال الصحيحين وقال أحمد وأبو حاتم وابن عدي : لا بأس به ، ووثقه أبو زرعة .

                                                                                                          وقال ابن معين وأبو داود والنسائي : ليس بقوي ، واحتج أحمد بهذا الخبر في رواية مهنا وقال : إليه أذهب .

                                                                                                          وصح عن عثمان أنه أتي بلحم صيد فقال لأصحابه : كلوا فقالوا : ألا تأكل أنت ؟ فقال : إني لست كهيئتكم ، إنما صيد من أجلي . رواه مالك والشافعي . وعند أبي حنيفة : يجوز أكله ما صيد له ، وهو احتمال في الانتصار ; لأن خبر أبي قتادة يدل على تعلق التحريم بالإشارة والإعانة فقط ، قلنا : وبالأمر . وقد ذكر أبو بكر الرازي منهم الجواز فيه ، وفيه

                                                                                                          [ ص: 414 ] روايتان عن أبي حنيفة ، قاله ابن هبيرة .

                                                                                                          وفي الهداية لهم : يأكل إذا لم يدل ولا أمر . فهذا تنصيص على أن الدلالة محرمة ، قالوا : وفيه روايتان ، ووجه الحرمة خبر أبي قتادة هذا كلامه ، فهو حجة عليهم ، وما سبق أخص . ولا يحرم عليه أكل غيره ، نص عليه ( و ) لأن في خبر أبي قتادة { هو حلال فكلوه } متفق عليه ، وقال ابن أخي طلحة { : كنا مع طلحة ونحن حرم ، فأهدي لنا طير وطلحة راقد ، فمنا من أكل ، ومنا من تورع فلم يأكل ، فلما استيقظ طلحة ، وفق من أكله وقال : أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم } رواه مسلم . وأفتى به ، أبو هريرة ، وقال له عمر : لو أفتيتهم بغيره لأوجعتك رواه مالك ، وعن علي وابن عباس وعائشة وغيرهم : يحرم ، وقاله طاوس ، وكرهه الثوري وإسحاق لخبر الصعب وكما لو دل عليه ، والفرق ظاهر ، وما سبق أخص ، والجمع أولى .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية