الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويستحب صوم المحرم ، قال عليه السلام : { أفضل الصلاة [ ص: 111 ] بعد المكتوبة جوف الليل ، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم } رواه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة ، ولعله عليه السلام لم يكثر الصوم فيه لعذر ، أو لم يعلم فضله إلا أخيرا ، قال ابن الأثير : إضافته إلى الله تعظيما وتفخيما ، كقولهم بيت الله ، وآل الله لقريش ، قال : والشهر : الهلال ، سمي به لشهرته وظهوره ، وأفضله عاشوراء وهو العاشر ، وفاقا لأكثر العلماء ، ثم تاسوعاء وهو التاسع ممدودان وحكي قصرهما وعن ابن عمر : يكره صوم عاشوراء ، وعن بعض السلف : فرض . وهما آكده ، ثم العشر ، روى مسلم عن أبي قتادة مرفوعا في صيام يوم عرفة { إني لأحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده } وقال في صيام عاشوراء : { إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله } والمراد به الصغائر ، حكاه في شرح مسلم عن العلماء فإن لم تكن [ له ] صغائر رجا التخفيف من الكبائر ، فإن لم تكن رفعت درجات ، وعن الحسن عن ابن عباس قال : { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر من المحرم } . إسناده ثقات ، رواه الترمذي وقال : حسن صحيح .

                                                                                                          وقال ابن المديني : لم يسمع الحسن من ابن عباس وقال : مرسلات الحسن التي رواها عنه الثقات صحاح ، وعن معقل بن يسار وغيره : يوم عاشوراء هو اليوم التاسع ، لأن الحكم بن عبد الله الأعرج سأل ابن عباس عن صومه أي يوم ؟ قال : إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ، فإذا أصبحت من [ ص: 112 ] تاسعه فأصبح منها صائما ، قلت : أكذلك كان يصومه محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . رواه مسلم ، ومعناه : أهكذا كان يأمر بصيامه أو يحث عليه ؟ جمعا بينه وبين غيره ، ذكره صاحب المحرر . وعن ابن عباس القولان ، واختارت طائفة صوم اليومين ، صح عن ابن عباس وقال : خالفوا اليهود وعن أبي رافع صاحب أبي هريرة وابن سيرين ، وقاله الشافعي وأحمد وإسحاق . وقول ابن عباس : لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى وفي لفظ أبي داود : تصومه اليهود والنصارى فقال " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع " فلم يأت العام المقبل حتى توفي . رواه مسلم وأبو داود ، وهو يدل على أنه لم يكن يصوم التاسع بل العاشر وأنه عاشوراء ، وقصد صوم التاسع مع العاشر مخالفة لليهود ليس يدل على اقتصاره على التاسع ، وقد روى الخلال في العلل : حدثنا محمد بن إسماعيل أنبأنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبد الله بن عمير مولى ابن عباس ، عن ابن عباس مرفوعا { لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر } إسناده جيد . واحتج به أحمد في رواية الأثرم . وبقول ابن عباس : صوموا التاسع والعاشر .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية