ذكر سنجر وفاة السلطان
في هذه السنة ، في ربيع الأول توفي السلطان ، أصابه قولنج ، ثم بعده إسهال ، فمات منه ومولده سنجر بن ملكشاه بن ألب أرسلان ، أبو الحرث سنجار ، من ديار الجزيرة ، في رجب سنة تسع وسبعين وأربعمائة ، وسكن خراسان ، واستوطن مدينة مرو ، ودخل بغداد مع أخيه السلطان محمد ، واجتمع معه بالخليفة ، فعهد إلى المستظهر بالله محمد بالسلطنة وجعل سنجر ولي عهد .
فلما مات محمد ، خوطب سنجر بالسلطان ، واستقام أمره ، وأطاعه السلاطين وخطب له على أكثر منابر الإسلام بالسلطنة نحو أربعين سنة ، وكان قبلها يخاطب بالملك عشرين سنة ، ولم يزل أمره عاليا وجده متراقيا إلى أن أسره الغز على ما [ ص: 241 ] ذكرناه ، ثم إنه خلص بعد مدة وجمع إليه أطرافه بمرو ، وكاد يعود إليه ملكه ، فأدركه أجله . وكان مهيبا كريما رفيقا بالرعية ، وكانت البلاد في زمانه آمنة .
ولما مات دفن في قبة بناها لنفسه سماها دار الآخرة ; ولما وصل خبر موته إلى بغداد قطعت خطبته ، ولم يجلس له في الديوان للعزاء .
ولما حضر السلطان سنجر الموت استخلف على خراسان الملك محمود بن محمد بن بغراخان ، وهو ابن أخت السلطان سنجر ، فأقام بها خائفا من الغز ، فقصد جرجان يستظهر بها ، وعاد الغز إلى مرو وخراسان ، واجتمع طائفة من عساكر خراسان على أي أبه المؤيد ، فاستولى على طرف من خراسان ، وبقيت خراسان على هذا الاختلال إلى سنة أربع وخمسين [ وخمسمائة ] .
وأرسل الغز إلى الملك محمود بن محمد وسألوه أن يحضر عندهم ليملكوه عليهم ، فلم يثق بهم ، وخافهم على نفسه ، فأرسل ابنه إليهم فأطاعوه مديدة ثم لحق بهم الملك محمود على ما نذكره سنة ثلاث وخمسين [ وخمسمائة ] .