الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ملك الغورية غزنة وعودهم عنها

في هذه السنة قصد سوري بن الحسين ملك الغور مدينة غزنة فملكها .

وسبب ذلك أن أخاه ملك الغورية [ قبله محمد بن الحسين كان قد صاهر بهرام شاه مسعود بن ] إبراهيم ، صاحب غزنة ، وهو من بيت سبكتكين ، فعظم شأنه بالمصاهرة ، وعلت همته ، فجمع جموعا كثيرة وسار إلى غزنة ليملكها . وقيل : إنما مظهرا الخدمة والزيارة ، وهو يريد المكر والغدر ، فعلم به بهرام شاه ، فأخذه وسجنه ، ثم قتله ، فعظم قتله على الغورية ، ولم يمكنهم الأخذ بثأره .

ولما قتل ملك بعده أخوه سام بن الحسين ، فمات بالجدري ; وملك بعده أخوه الملك سوري بن الحسين بلاد الغور ، وقوي أمره ، وتمكن في ملكه ، فجمع عسكره من الفارس والراجل وسار إلى غزنة طالبا بثأر أخيه المقتول ، وقاصدا ملك غزنة ، فلما وصل إليها ملكها في جمادى الأولى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة .

وفارقها بهرام شاه إلى بلاد الهند ، وجمع جموعا كثيرة ، وعاد إلى غزنة وعلى [ ص: 164 ] مقدمته السلار الحسن بن إبراهيم العلوي أمير هندوستان . وكان عسكر غزنة ، الذين أقاموا مع سوري الغوري وخدموه ، قلوبهم مع بهرام شاه ، وإنما هم بظواهرهم مع سوري ، فلما التقى سوري وبهرام شاه رجع عسكر غزنة إلى بهرام شاه ، وصاروا معه ، وسلموا إليه سوري ملك الغورية . وملك بهرام شاه غزنة في المحرم سنة أربع وأربعين [ وخمسمائة ] ، وصلب الملك سوري ( مع ) السيد الماهياني في المحرم أيضا من السنة .

وكان سوري أحد الأجواد ، له الكرم الغزير ، والمروءة العظيمة ، حتى إنه كان يرمي الدراهم في المقاليع إلى الفقراء لتقع بيد من يتفق له .

ثم عاود الغورية وملكوها ، وخربوها ، وقد ذكرنا سنة سبع وأربعين [ وخمسمائة ] وذكرنا هناك ابتداء دولة الغورية ; لأنهم في ذلك الوقت عظم محلهم ، وفارقوا الجبال ، وقصدوا خراسان ، وعلا شأنهم ، وفي بعض الخلف كما ذكرناه ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية