الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر حصر صاحب ماردين قلعة البيرة ومصير صاحبها مع صلاح الدين

كانت قلعة البيرة ، وهي مطلة على الفرات من أرض الجزيرة ، لشهاب الدين الأرتقي ، وهو ابن عم قطب الدين إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق صاحب ماردين ، وكان في طاعة نور الدين محمود بن زنكي ، صاحب الشام ، فمات شهاب الدين وملك القلعة بعده ولده وصار في طاعة عز الدين مسعود صاحب الموصل .

فلما كان هذه السنة أرسل صاحب ماردين إلى عز الدين يطلب منه أن يأذن له في حصر البيرة وأخذها ، فأذن له في ذلك ، فسار في عسكره إلى قلعة سميساط ، وهي له ، ونزل بها وسير العسكر إلى البيرة ، فحصرها ، فلم يظفر منها بطائل ، إلا أنهم لازموا الحصار ، فأرسل صاحبها إلى صلاح الدين وقد خرج من ديار مصر ، على ما نذكره ، يطلب منه أن ينجده ويرحل العسكر المارديني عنه ، ويكون هو في خدمته ، كما كان أبوه في خدمة نور الدين ، فأجابه إلى ذلك ، وأرسل رسولا إلى صاحب ماردين يشفع فيه ، ويطلب أن يرحل عسكره عنه ، فلم يقبل شفاعته .

واشتغل صلاح الدين بما نذكره من الفرنج ، فلما رأى صاحب ماردين طول مقام [ ص: 457 ] عسكره على البيرة ، ولم يبلغوا منها غرضا ، أمرهم بالرحيل عنها ، وعاد إلى ماردين ، فسار صاحبها إلى صلاح الدين ، وكان معه حتى عبر معه الفرات ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية