ذكر حلب إلى عماد الدين وأخذ سنجار عوضا عنها تسليم
لما وصل عز الدين إلى الرقة جاءته رسل أخيه عماد الدين ، صاحب سنجار ، يطلب أن يسلم إليه حلب ويأخذ عوضا عنها مدينة سنجار . فلم يجبه إلى ذلك ، ولج عماد الدين ، وقال : إن سلمتم إلي حلب . وإلا سلمت أنا سنجار إلى صلاح الدين ، فأشار حينئذ جماعة من الأمراء بتسليمها إليه ، وكان أشدهم في ذلك مجاهد الدين قايماز ، فلم يمكن عز الدين مخالفته لتمكنه في الدولة ، وكثرة عساكره وبلاده ، وإنما حمل مجاهد الدين على ذلك خوفه من عز الدين ، لأنه عظم في نفسه ، وكثر معه العسكر .
وكان الأمراء الحلبيون لا يلتفون إلى مجاهد الدين ، ولا يسلكون معه من الأدب ما يفعله عسكر الموصل ، فاستقر الأمر على تسليم حلب إلى عماد الدين وأخذ سنجار عوضا [ ص: 456 ] عنها ، فسار عماد الدين فتسلمها ، وسلم سنجار إلى أخيه ، وعاد إلى الموصل .
وكان صلاح الدين بمصر قد بلغه خبر ملك عز الدين حلب ، فعظم الأمر عليه ، وخاف أن يسير منها إلى دمشق وغيرها ، ويملك الجميع ، وأيس من حلب ، فلما بلغه خبر ملك عماد الدين لها برز من يومه وسار إلى الشام ، وكان من الوهن على دولة عز الدين ما نذكره إن شاء الله .