ذكر شاذياخ نيسابور عمارة
كانت شاذياخ قد بناها ، لما كان أميرا على عبد الله بن طاهر بن الحسين خراسان للمأمون ، وسبب عمارتها أنه رأى امرأة جميلة تقود فرسا تريد سقيه ، فسألها عن زوجها ، فأخبرته به ، فأحضره ، وقال له : خدمة الخيول بالرجال أشبه ، فلم تقعد أنت في دارك وترسل امرأتك مع فرسك ؟ فبكى الرجل ، وقال له : ظلمك يحملنا على ذلك ، فقال : وكيف ؟ قال : لأنك تنزل الجند معنا في دورنا ، فإن خرجت أنا وزوجتي بقي البيت فارغا ، فيأخذ الجندي ما لنا فيه ، وإن سقيت أنا الفرس فلا آمن على زوجتي من الجندي ، فرأيت أن أقيم في البيت وتخدم زوجتي الفرس .
فعظم الأمر عليه وخرج من البلد لوقته ، ونزل في الخيام ، وأمر الجند ، فخرجوا من دور الناس ، وبنى شاذياخ دارا له ولجنده وسكنها وهم معه ، ثم إنها دثرت بعد ذلك .
فلما كان أيام السلطان ألب أرسلان ، ذكرت له هذه القصة فأمر بتجديدها ، ثم إنها تشعثت بعد ذلك ، فلما كان الآن وخربت نيسابور ، ولم يمكن حفظها ، والغز تطرق البلاد وتنهبها ، أمر المؤيد حينئذ بعمل سورها ، وسد ثلمه وسكناه ، ففعل ذلك وسكنها هو والناس وخربت حينئذ نيسابور كل خراب ، ولم يبق بها أنيس .