ذكر بمكة وعزل أميرها وإقامة غيرها الفتنة
في هذه السنة ، في ذي الحجة ، كان بمكة حرب شديدة بين أمير الحاج طاشتكين وبين الأمير مكثر أمير مكة ، وكان الخليفة قد أمر أمير الحاج بعزل مكثر وإقامة أخيه داود مقامه .
وسبب ذلك أنه كان قد بنى قلعة على جبل أبي قبيس ، فلما سار الحاج عن عرفات لم يبيتوا بالمزدلفة ، وإنما اجتازوا بها ، فلم يرموا الجمار ، إنما بعضهم رمى بعضها وهو سائر ، ونزلوا الأبطح فخرج إليهم ناس من أهل مكة فحاربوها ، وقتل من الفريقين جماعة ، وصاح الناس : الغزاة إلى مكة ، فهجموا عليها ، فهرب أمير مكة مكثر ، فصعد إلى القلعة التي بناها على جبل أبي قبيس فحصروه بها ، ففارقها وسار عن مكة ، وولي أخوه داود الإمارة ، ونهب كثير من الحاج مكة وأخذوا من أموال [ ص: 420 ] التجار المقيمين بها شيئا كثيرا ، وأحرقوا دورا كثيرة .
ومن أعجب ما جرى فيها أن إنسانا زراقا ضرب دارا بقارورة نفط فأحرقها ، وكانت لأيتام ، فأحرقت ما فيها ، ثم أخذ قارورة أخرى ليضرب بها مكانا آخر ، فأتاه حجر فأصاب القارورة فكسرها ، فاحترق هو بها ، فبقي ثلاثة أيام يعذب بالحريق ثم مات .