فصل . وللأم أربعة أحوال
ثلاثة منها يختلف ميراثها بسبب اختلافها وأما الرابع فإنما يظهر تأثيره على المذهب في [ ص: 416 ] عصبتها كما يأتي ( ف ) إذا كانت ( مع الولد ) ذكرا أو أنثى واحدا أو متعددا ( أو ) مع ( ولد الابن ) كذلك ( أو ) مع ( اثنين ولو محجوبين من الإخوة والأخوات كاملي الحرية ) ف ( لها سدس ) لقوله تعالى { ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد } وقوله { فإن كان له إخوة فلأمه السدس } وروى وقال صحيح الإسناد : أن الحاكم قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهم " ليس الأخوان إخوة في لسان قومك فلم تحجب بهما الأم ؟ فقال لا أستطيع أن أرد شيئا كان قبلي ومضى في البلدان وتوارث الناس به " وهذا من لعثمان يدل على إجماع الناس على ذلك قبل مخالفة عثمان قال ابن عباس لفظ الإخوة هنا يتناول الأخوين لأن المقصود الجمعية المطلقة من غير كمية انتهى . الزمخشري
ولأن كحجب البنات لبنات الابن والأخوات من الأبوين للأخوات من الأب وشمل قوله : ولو محجوبين ما إذا حجبا بالأب أو بالجد كالإخوة للأم وما إذا كان أحدهما وارثا والآخر محجوبا كأخ شقيق وأخ لأب . كل حجب تعلق بعدد كان أوله اثنين
( و ) للأم ( مع عدمهم ) أي عدم الولد وولد الابن والعدد من الإخوة والأخوات ( ثلث ) لقوله تعالى { فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ، فإن كان له إخوة فلأمه السدس } وهذا هو الحال الثاني .
( و ) الحال الثالث أشار إليه بقوله ( في وهما العمريتان ) والغروان ( لها ثلث الباقي بعد فرضيهما ) أي الزوجين ، قضى بذلك أبوين وزوج أو زوجة فتبعه عليه عمر عثمان وزيد بن ثابت وبه قال الجمهور وقال وابن مسعود : لها ثلث المال كله في المسألتين لظاهر الآية والحجة معه لولا انعقاد الإجماع من الصحابة على خلافه . ابن عباس
ووجهه أنهما استويا في السبب المدلي به وهو الولادة وامتاز الأب بالتعصيب بخلاف الجد فلو أعطينا الزوج فرضه وأخذت الأم الثلث لزم تفضيل أنثى على ذكر من حيز واحد في مرتبة واحدة أو أعطينا الزوجة فرضها والأم الثلث كاملا لزم أن لا يفضل عليها التفضيل المعهود مع اتحاد الجهة والرتبة فلذلك استدركوا هذا المحذور وأعطوا الأم ثلث الباقي والأب ثلثيه مراعاة لهذه المصلحة .
( و ) الحال ( الرابع : إذا لم يكن لولدها أب لكونه ولد زنا أو ادعته ) أي ادعت أنه ولدها ( وألحق بها ) ولو كانت ذات زوج دون زوجها [ ص: 417 ] الجاحد له وتقدم ( أو ) لكونه ( منفيا بلعان ، فإنه ينقطع تعصيبه ) أي الولد ( ممن نفاه ) باللعان ( ونحوه ) كجحد زوج المقرة به ( فلا يرثه هو ) أي الباقي ( ولا أحد من عصبته ) لانقطاع السبب وهو النسب .
وكذا الزاني وعصبته لا يرثون ولد الزنا وكذا زوج المقرة وعصبته لا يرثون من أقرت به إن لم يصدقوها لانقطاع نسبه ( ولو ) كان التعصيب ( بإخوة من أب إذا ولدت توأمين ) من زنا أو زوج نفاهما باللعان فإذا مات أحدهما ( فلا يرث الأخ من الأب ) الذي توأمه بإخوته من الأب شيئا ( ولا يحجب ) توأمه أحدا ممن يحجبه الأخ لأب ( لأنه لا نسب له ) إذ ليس لواحد منهما أب ينتسب إليه ( وترث أمه ) منه فرضها .
( و ) يرث ( ذو فرض منه ) أي من ولد زنا ومنفي بلعان ونحوه ( فرضه ) كغيره لأن كونه لا أب له لا تأثير له في منع ذي فرض من فرضه ( وعصبته ) أي عصبة من لا أب له شرعا ( عصبة أمه ) روي عن علي وابن عباس رضي الله تعالى عنهم إلا أن وابن عمر يجعل ذا السهم من ذوي الأرحام أحق ممن لا سهم له ، ووجه قولنا قوله صلى الله عليه وسلم { عليا } متفق عليه . ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو فلأولى رجل ذكر
وقد انقطعت العصوبة من جهة الأب فبقي أولى الرجال به أقارب أمه ، فيكون ميراثه بعد أخذ ذوي الفروض فرضهم له وفي حديث في المتلاعنين { سهل بن سعد } رواه الشيخان ومفهومه أنها لا ترث أكثر من فرضها فيبقى الباقي لذوي قرابته وهم عصبتها وعلى هذا فإن كانت أمه مولاة فما بقي لمولاها . فجرت السنة أنه يرثها وأنها ترث منه ما فرض الله لها
فإن لم يكن لأمه عصبة فلها الثلث فرضا والباقي ردا في قول وسائر من يرى الرد ( في إرث فقط كقولنا في الأخوات مع البنات عصبة فلا يعقلون ) أي عصبة أمه ( عنه ولا يثبت لهم ) عليه ( ولاية التزويج ) أو كان أنثى ( ولا غيره ) كولاية المال لأنهم ينتسبون إليه بقرابة الأم وهي ضعيفة ولا يلزم من التعصيب في الميراث التعصيب في غيره كما في الأخوات مع البنات وتقدمت الإشارة إليه واختار علي أبو بكر عبد العزيز أن عصبته نفس أمه فإن لم تكن فعصبته عصبتها وهو قول . ابن مسعود
وروي نحوه عن ومذهب علي أنها ليست بعصبة ولا عصبتها عصبة له وهو مقتضى القياس وظاهر القرآن ولعل الإمام لم يقل به لمخالفة من تقدم من الصحابة له فلولا أن معهم توقيفا في ذلك لما صاروا إليه لأنه ليس مما يقال بالرأي فيكون معهم زيادة علم في ذلك لم يعلمها غيرهم [ ص: 418 ] فيكون قولهم أرجح لذلك قال زيد بن ثابت ابن نصر الله في الحاشية له على المغني ولم أر من نبه على ذلك وهو أصل كبير ينبغي النظر فيه وهو أن الصحابة إذا اختلفوا على قولين وكان أحدهما موافقا للقياس والآخر مخالفا له ، وليس مما يقال بالرأي يؤخذ بالقول المخالف للقياس أي لأن الظن منهم صدوره عن توقيف بهم .
ومحل كون عصبة الأم عصبة له ( إن لم يكن له ) أي لولد الزنا والمنفي بلعان ونحوه ( ابن ولا ابن ابن وإن نزل ) بمحض الذكور ( ويكون الميراث ) أي الباقي بعد الفروض إن كانت ( لأقربهم ) أي العصبة ( منها ) أي الأم ( فإن خلف ) ولد الزنا والمنفي بلعان ونحوه ( أمه وأباها وأخاها فلها الثلث ) إجماعا ( والباقي لأبيها ) على المذهب لأنه أقرب عصبتها .
( وإن كان مكان الأب جد ) فالمسألة أم وجدها وأخوها ( ف ) للأم الثلث ( والباقي بين أخيها وجدها نصفين ) لاستوائهما في القرب منها وتصح من ثلاثة ( وإن خلف ) ولد الزنا ونحوه ( أما وخالا ) لغير أم ( فلها الثلث والباقي للخال ) لأنه عصبة أمه ( وإن كان معها ) أي الأم والخال ( أخ لأم ف ) للأم الثلث و ( له ) أي الأخ لأم ( السدس فرضا والباقي تعصيبا ويسقط الخال ) لأن الابن أقرب من الأخ ( يرث أخوه ) أي المنفي بلعان وولد ونحوه ( لأمه مع بنته بالعصوبة فقط ) فإذا مات عن بنت وأخ لأم فلبنته النصف والباقي لأخيه لأمه عصوبة ولا شيء له بالفرض لسقوطه بالبنت و ( لا ) ترث ( أخته لأمه ) مع بنته شيئا لأنها محجوبة بالبنت عن الفرض ولا عصوبة لها ( فإذا خلف ) ولد زنا ونحوه ( بنتا وأخا ) لأم .
( وأختا لأم فلبنته النصف ) فرضا ( والباقي للأخ ) تعصيبا لأنه أقرب عصبة لأمه ( وبدون البنت لهما الثلث فرضا والباقي للأخ ) عصوبة ومن هنا تعلم أن المراد بعصبة الأم العصبة بنفسه فقط .
( وإذا قسم ثم أكذب الملاعن نفسه لحقه الولد ) وإن لم يكن له ولد ولا قوم لأنه أقر بحق عليه ولا نظر للتهمة ( ونقضت القسمة ) كما لو اقتسموا في غيبة بعضهم ( وإذا مات ابن ابن ملاعنة وخلف أمه وجدته أم أبيه وهي الملاعنة ) ولا عصبة ( فالكل لأمه فرضا وردا ) لأن الجدة لا ترث مع الأم . ميراث ابن الملاعنة
( وينقطع التوارث بين الزوجين إذا تم اللعان ) لانقطاع النكاح الذي هو سببه .
( وإن مات أحدهما قبل إتمامه ) أي اللعان ( ورثه الآخر ) لبقاء النكاح إلى الموت وعدم المانع .