الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن غصب أرضا فحفر فيها بئرا أو شق ) فيها ( نهرا أو نحوه ) كقناة ودولاب ( فلربها إلزامه بطمها ) أي البئر ونحوها ( إن كان ) الطم ( لغرض صحيح ) لعدوانه بالحفر ولأنه يضر بالأرض .

                                                                                                                      ( وإن أراد الغاصب طمها فإن كان ) الطم ( لغرض صحيح كإسقاط ضمان ما يقع فيها ) أي البئر ( أو يكون ) الغاصب ( قد نقل ترابها إلى ملكه ، أو ) إلى ( ملك غيره ، أو إلى طريق يحتاج إلى تفريغه - فله ) أي الغاصب ( طمها ) [ ص: 89 ] بترابها حيث بقي فلو فات بسيل أو ريح ونحوه فله الطم بغيره من جنسه ، لا برمل أو كناسة ونحوها ذكره الحارثي ( من غير إذن ربها ) تخلصا من ذلك الضرر .

                                                                                                                      ( وإن لم يكن له ) أي الغاصب غرض صحيح في الطم ( مثل أن يكون ) الغاصب ( قد وضع التراب في أرض مالكها ، أو ) وضعه ( في موات وأبرأه ) المالك ( من ضمان ما يتلف بها ) أي البئر ونحوها ( وتصح البراءة منه ) قال في المغني والشرح : لأن الضمان إنما يلزمه لوجود التعدي فإذا رضي صاحب الأرض زال التعدي فيزول الضمان وليس هذا إبراء مما لم يجب .

                                                                                                                      وإنما هو إسقاط للتعدي برضاه به ( أو منعه ) المالك ( منه ) أي الطم ( لم يملك ) الغاصب ( طمها ) في هذه الصور لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه لغير غرض صحيح ، ومنعه من الطم رضا بالحفر فيكون بمنزلة إبرائه من ضمان ما يتلف بها ( ولو كشط ) الغاصب ( تراب الأرض ) المغصوبة ( فطالبه المالك برده وفرشه لزمه ) أي الغاصب ( ذلك ) أي الرد والفرش .

                                                                                                                      وظاهره : وإن لم يكن فيه غرض صحيح وهو أحد وجهين أطلقهما في المبدع وغيره ( وإن أراده ) أي فرش التراب كما كان ( الغاصب وأباه المالك فله ) أي الغاصب ( فعله لغرض صحيح ، مثل إن كان ) الغاصب ( نقله إلى ملك لنفسه فيرده لينتفع بالمكان ، أو ) كان الغاصب ( طرحه في ملك غيره ، أو في طريق يحتاج إلى تفريغه ) أي ملك غيره أو الطريق .

                                                                                                                      ( وإن كان ) الغاصب أراد فرش التراب الذي كشطه ( لا لغرض صحيح فلا ) يمكن منه بلا إذن المالك لأن فيه تصرفا في ملك الغير بغير إذنه لغير حاجة .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية