الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن اصطدمت سفينتان ) واقفتان أو مصعدتان أو منحدرتان ( فغرقتا ضمن كل واحد منهما ) أي : من القيمين ( سفينة الآخر وما فيها ) من نفس ومال ( إن فرط ) ; لأن التلف حصل بسبب فعليهما فوجب على كل منهما ضمان ما تلف بسبب فعله كالفارسين إذا اصطدما .

                                                                                                                      ( وإن لم يفرط ) واحد منهما ( فلا ضمان على واحد منهما ) لعدم مباشرته التلف وتسببه فيه ( وإن فرط أحدهما ) دون الآخر ( ضمن ) المفرط ( وحده ) ما تلف بتفريطه لتسببه في إتلافه .

                                                                                                                      ( و ) إذا اختلفا في التفريط فالقول قول القيم وهو ( الملاح مع يمينه في غلبة الريح ) إياه ( وعدم التفريط ) ; لأنه منكر والأصل براءته .

                                                                                                                      ( والتفريط أن يكون قادرا على ضبطها أو ردها عن الأخرى ) فلم يفعل ( أو أمكنه أن يعدلها إلى ناحية أخرى ) لا صدم معها ( فلم يفعل أو لم يكمل ) القيم ( آلتها من الرجال والحبال وغيرهما ) كالمراسي والأخشاب التي يحتاج إليها في حفظها ( ولو تعمدا ) أي : القيمان ( الصدم ف ) هما ( شريكان في ضمان إتلاف كل منهما ) أي : من السفينتين .

                                                                                                                      ( و ) في ضمان إتلاف ( من فيهما ) أي : السفينتين من الأنفس والأموال ; لأنه تلف حصل بفعلهما فاشتركا في ضمانه أشبه ما لو خرقاهما وإن تلف بسبب ذلك آدمي محترم ( فإن قتل غالبا ) ما وجد من فعلهما ( ف ) عليهما ( القود ) بشرطه من المكافأة ونحوها ; لأنهما تعمدا القتل بما يقتل غالبا أشبه ما لو ألقياه في لجة البحر بحيث لا يمكنه [ ص: 131 ] التخلص فغرق ( وإلا ) بأن لم يقتل غالبا بأن فعلا قريبا من الساحل ( ف ) هو ( شبه عمد ) كما لو ألقاه في ماء قليل فغرق به ( ولا يسقط فعل الصادم في حق نفسه مع عمد ) أي : مع تعمدهما الصدم بل يعتد به فكل منهما شارك الآخر في قتل نفسه .

                                                                                                                      فإن مات أحدهما فليس لورثته إلا نصف ديته وإن ماتا وجب لكل منهما نصف ديته من تركة الآخر فإن استويا سقطا وإلا فيقدر الأقل ومفهومه أنه يسقط مع خطأ فتجب الدية كاملة على العاقلة .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية