الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويرث الحمل ويورث ) عنه ما ملكه بنحو إرث أو وصية ( بشرطين أحدهما : أن يعلم أنه كان موجودا حال موت مورثه ، بأن تأتي به أمه لأقل من ستة أشهر ) فراشا كانت أو لا إذ هي أقل مدة الحمل فحياته دليل أنه كان موجودا قبل .

                                                                                                                      ( فإن أتت به ) أمه ( لأكثر من ذلك ) أي من ستة أشهر ( وكان لها زوج ) يطؤها ( أو ) لها ( سيد يطؤها لم يرث ) لاحتمال تجدده بعد الموت ( إلا أن تقر الورثة أنه كان موجودا حال الموت ) فيلزمهم دفع ميراثه إليه مؤاخذة لهم بإقرارهم .

                                                                                                                      ( وإن كانت ) التي وضعت الحمل ( لا توطأ لعدمهما ) أي السيد والزوج ( أو غيبتهما أو اجتنابهما الوطء عجزا أو قصدا أو غيره ورث ، ما لم يجاوز أكثر مدة الحمل أربع سنين ) إناطة للحكم بسببه الظاهر وتقدم نظيره في الوصية ( الشرط الثاني : أن تضعه حيا كما تقدم وتعلم حياته إذا استهل بعد وضع كله صارخا ) لحديث أبي هريرة مرفوعا ( { إذا استهل المولود صارخا ورث } ) رواه أحمد وأبو داود وروى ابن ماجه بإسناده مرفوعا مثله قال في القاموس : واستهل الصبي رفع صوته بالبكاء كأهل وكذا كل متكلم رفع صوته أو خفض انتهى .

                                                                                                                      فصارخا حال مؤكدة كقوله تعالى { فتبسم ضاحكا } ( أو عطس ) بفتح الطاء في الماضي وضمها وكسرها في المضارع ( أو بكى أو ارتضع أو تحرك حركة طويلة أو تنفس ، وطال زمن التنفس ونحو ذلك مما يدل على حياته ) كسعال ; لأن هذه الأشياء دالة على الحياة المستقرة فثبت له أحكام الحي كالمستهل ( لا بحركة يسيرة أو اختلاج أو تنفس يسير ) لأنها لا تدل على حياة مستقرة ولو علمت الحياة إذن لأنه لا يعلم استقرارها لاحتمال كونها كحركة المذبوح [ ص: 464 ] فإن الحيوان يتحرك بعد ذبحه شديدا وهو كميت قلت : فيؤخذ منه أن المولود لدون ستة أشهر لا يرث بحال ; للقطع بعدم استقرار حياته فهو كالميت .

                                                                                                                      ( وإن خرج بعضه فاستهل ) أي صوت ( ثم انفصل ميتا ، لم يرث ) وكان كما لو لم يستهل ( وإن جهل مستهل من توأمين ) ذكر وأنثى ، و ( إرثهما مختلف ) بأن كانا من غير ولد الأم ( عين ) المستهل ( بقرعة ) كما لو طلق واحدة من نسائه ولم تعلم عينها بعد موته .

                                                                                                                      وقال الخيري : ليس في هذا عن السلف نص وقال بعض الفرضيين : تعمل المسألة على الحالين ويعطى كل وارث اليقين ، ويوقف الباقي حتى يصطلحوا عليه ومن خلف أما مزوجة وورثته لا تحجب ولدها لم توطأ حتى تستبرأ ليعلم أحامل أو لا ؟ فإن وطئت وولدته بعد فقد تقدم في الشرط الأول .

                                                                                                                      ( ولو زوج أمته بحر ) بشرطيه ولم يشترط حرية ولده ( فأحبلها فقال السيد : إن كان حملك ذكرا فأنت وهو رقيقان وإلا فأنتما حران ) فعلى ما قال ، فإن ولدت ذكرا لم تعتق ولم يعتق ، وإن ولدت أنثى تبينا أنها عتقت من حين التعليق لكن قوله : إن ولدت ذكرا فأنت وهو رقيقان لا أثر له ، وإنما الأثر لما بعده ، و ( هي القائلة إن ألد ذكرا لم أرث ولم يرث ) لبقائهما في الرق .

                                                                                                                      ( وإلا ) أي وإن ولدت أنثى ( ورثنا ) أي ورثت وورثت ; لأنهما حران حال الموت ( ومن خلفت زوجا وأما وإخوة لأم ) اثنين فأكثر ( وامرأة أب حامل فهي القائلة : إن ألد أنثى ورثت لا ذكرا ) ; لأنها إن ولدت أنثى واحدة أعيل لها بالنصف فتعول المسألة إلى تسعة ، وإن ولدت أنثيين أعيل لهما بالثلثين وتعول إلى عشرة وتقدمت .

                                                                                                                      وإن ولدت ذكرا فأكثر أو مع أنثى فأكثر لم يرثوا ; لأنهم عصبة وقد استغرقت الفروض التركة وكذا الحكم لو كانت أمها هي القائلة على المذهب من أن عصبة الأشقاء لا يرث في المشركة ومن مات عن بنتين وبنت ابن حامل من ابن ابن له آخر مات قبله فهي القائلة : إن ألد ذكرا ورثنا لا أنثى .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية