[ ص: 113 ] مسألة : في قول الله تعالى { فمن تصدق به فهو كفارة له } قال الله تعالى { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له } ، قال : من قرأ : { علي والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص - } بالرفع في ذلك كله ، لا بالعطف على النفس بالنفس ، فهو حكم ثابت علينا لازم لنا ، ومن قرأها بالنصب في كل ذلك ، فهو معطوف على أن النفس بالنفس وأن ذلك من حكم التوراة .
قال : وكلتا القراءتين حق مشهور من عند الله تعالى ، فكلا المعنيين حق ، فكان ذلك مكتوبا في التوراة . أبو محمد
كل ذلك أيضا مكتوب علينا بحق ، فإذ ذلك كذلك فواجب أن ينظر في معنى قوله تعالى { فمن تصدق به فهو كفارة له } ، فوجدنا ما ناه حمام نا عبد الله بن محمد بن علي الباجي نا عبد الله بن يونس المرادي نا بقي بن مخلد نا نا أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع سفيان الثوري عن عن قيس بن مسلم طارق بن شهاب عن الهيثم بن الأسود عن في قوله تعالى { عبد الله بن عمرو فمن تصدق به فهو كفارة له } قال : هدم عنه من ذنوبه مثل ذلك .
قال : فهذا يدل على أنه كفارة لذنوب المجروح المتصدق بحقه . أبو محمد
وبه : إلى نا أبي بكر بن أبي شيبة عن هشيم مغيرة عن في قوله تعالى { إبراهيم النخعي فمن تصدق به فهو كفارة له } قال : للمجروح .
وبه : إلى نا أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين الحسن قال فمن تصدق به فهو كفارة له قال : للمجروح ،
وعن الشعبي قال : للذي تصدق به .
قال : وقيل غير هذا : كما روينا بالسند المذكور إلى علي نا أبي بكر بن أبي شيبة الفضل بن دكين ، عن ويحيى بن آدم سفيان الثوري عن عن [ ص: 114 ] عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير ابن عباس فهو كفارة له } قال : للمجروح ، وأجر المتصدق على الله تعالى . في قوله تعالى {
وعن قال : للمجروح - وعن جابر بن زيد في قوله تعالى { مجاهد فهو كفارة له } وأجر المتصدق على الله .
ومن طريق نا وكيع سفيان عن أنه سمعه يقول : إن عفا عنه ، أو اقتص منه ، أو قبل منه الدية فهو كفارة له . زيد بن أسلم
ومن طريق نا ابن أبي شيبة جرير ، ، قال ووكيع : عن وكيع سفيان ، ثم اتفق جرير ، وسفيان كلاهما عن منصور عن قال : كفارة للذي تصدق عليه ، وأجر الذي أصيب على الله تعالى . إبراهيم النخعي
قال : فلما اختلفوا - كما ذكرنا وجب أن نفعل ما أمرنا الله تعالى به إذ يقول { أبو محمد فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } الآية ؟ ففعلنا ، فوجدنا نص قوله تعالى { فمن تصدق به فهو كفارة له } جاء بلغة العرب .
كما قال تعالى { بلسان عربي مبين } . ووجدنا في لغة العرب الضمير راجعا - ولا بد - إلى أقرب مذكور إلا بدليل . ووجدنا أقرب مذكور إلى { فهو كفارة له } الضمير الذي في { تصدق به } وهو ضمير المجني عليه المتصدق ، فلا يجوز إخراجه عن هذا إلا بدليل ، ولا دليل على ذلك .
وأما المتصدق عليه فإن الجاني فيما دون النفس إذا عفا عنه المجني عليه فإن غفر له ، وتصدق بحقه عليه ، فلا شك في أنه مغفور له ، ومكفر عنه ، لأن صاحب الحق قد أسقط حقه قبله .
وأما إذا لم يغفر له ، ولكنه أخر طلبه إلى الآخرة ، وأسقطه في الدنيا ، فبلا شك ندري أن حقه باق له قبله ، وأنه سيقتص يوم القيامة من حسناته .
وأما من قتل آخر - فعليه حقان : حق المقتول في ظلمه إياه ، وحق الولي في أخذ القود - فإن عفا الولي فإنما عفا عن حق نفسه ، ولا عفو له في حق غيره - وهو [ ص: 115 ] لمقتول - فحق المقتول باق عليه كما كان ، لقول الله تعالى { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } وكما أخبر صلى الله عليه وسلم .
روينا من طريق نا مسلم ، قتيبة وابن حجر ، قالا جميعا : نا - عن إسماعيل - هو ابن جعفر - عن أبيه عن العلاء - هو ابن عبد الرحمن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { أبي هريرة } . أتدرون من المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال : إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة - ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا - فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته - قبل أن يقضي ما عليه - أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ، لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة ، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء
ومن طريق نا البخاري نا أبي نا عمر بن حفص بن غياث حدثني الأعمش شقيق قال : سمعت يقول " قال النبي صلى الله عليه وسلم : { عبد الله بن مسعود } أول ما يقضى بين الناس في الدماء .
وبه إلى نا البخاري - نا إسماعيل - هو ابن أبي أويس عن مالك سعيد بن أبي سعيد المقبري عن " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : { أبي هريرة } . من كانت له مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم تكن له حسنات يؤخذ من سيئات صاحبه فطرحت عليه
ومن طريق نا البخاري نا الصلت بن محمد نا يزيد بن زريع سعيد بن أبي عروبة عن عن قتادة أبي المتوكل الناجي أن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبا سعيد الخدري محمد بيده لأحدهم أهدى إلى منزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا } . قال يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة ، فوالذي نفس : وأما إذا قتل قودا فقد انتصف منه كما أمر الله تعالى فلا تبعة عليه وبالله تعالى التوفيق . علي