الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2064 - مسألة : نا حمام نا عبد الله بن محمد بن علي الباجي نا عبد الله بن يونس المرادي [ ص: 87 ] نا بقي بن مخلد نا أبو بكر بن أبي شيبة نا هشيم عن داود عن عمرو بن شعيب أن رجلا استكره امرأة فأفضاها فضربه عمر بن الخطاب الحد ، وغرمه ثلث ديتها

                                                                                                                                                                                          نا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن رجل عن عكرمة قال : قضى عمر بن الخطاب في المرأة إذا غلبت على نفسها فأفضيت أو ذهبت عذرتها بثلث ديتها ولا حد عليها

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى عبد الرزاق عن معمر عن رجل عن قتادة في الرجل يصيب المرأة فيفضيها ؟ قال ثلث الدية .

                                                                                                                                                                                          وقول آخر - كما روينا بالسند المذكور إلى عبد الرزاق عن عبد الله بن محرز عن قتادة أن زيد بن ثابت قال : في المرأة يفضيها زوجها ، إن حبست الحاجتين والولد فثلث الدية ، وإن لم تحبس الحاجتين والولد فالدية كاملة

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أن عمر بن عبد العزيز قال في إفضاء المرأة الدية كاملة من أجل أنها تمنع اللذة والجماع .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق الحجاج بن المنهال نا حماد بن سلمة نا هشام بن عمرو الفزاري قال : شهدت عمر بن عبد العزيز إذ جاءه كتاب من عامله بنجران ، فلما قرأه قال : ما ترون في رجل ذي جدة وسعة خطب إلى رجل ذي فاقة بنته فزوجه إياها ، فقال : ادفعها إلي فإني أوسع لها فيما أنفق عليها ، فقال : إني أخافك عليها أن تقع بها ، فقال : لا تخف ، لا أقربها ، فدفعها إليه ، فوقع بها فخرقها ، فهريقت دما وماتت . فقال عبد الله بن معقل بن مقرن : غرم والله وقال عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان : غرم والله ، فقال عمر بن عبد العزيز : أعقلا وصداقا ، أعقلا وصداقا ؟ وقال أبان بن عثمان بن عفان : إن كانت أدركت ما أدرك النساء فلا دية لها ، وإن لم تكن أدركت ما أدرك النساء فلها الدية . فكتب عمر بذلك إلى الوليد بن عبد الملك [ ص: 88 ]

                                                                                                                                                                                          ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا زيد بن الحباب عن خالد بن عبد الله عن خالد الحذاء عن أبان بن عثمان أنه رفع إليه رجل تزوج جارية فأفضاها فقال فيها هو ، وعمر بن عبد العزيز : إن كانت ممن يجامع مثلها فلا شيء عليه وإن كانت ممن لا يجامع مثلها فعليه ثلث الدية .

                                                                                                                                                                                          وعن ابن جريج إذا كان لا يستمسك الغائط فعليه الدية كاملة

                                                                                                                                                                                          وبه يقول سفيان الثوري ، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : مثل ذلك ، وزاد : فإذا كان الغائط يستمسك فثلث الدية .

                                                                                                                                                                                          ولا يعرف لمالك ، ولا للشافعي فيها قول . قال أبو محمد : أما المأثور في ذلك عن عمر بن الخطاب ، وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما - فإنه توقيف ، والتوقيف لا يؤخذ إلا عن الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          ولقد كان يلزم المالكيين المشنعين بقول الصاحب الذي لا يعرف له مخالف أن يقولوا هاهنا بقول عمر ، وزيد ، ولكن هذا مما تناقضوا فيه . وأما الحنفيون - فإنهم طردوا أصلهم وقالوا هاهنا بما روي عن عمر ، وزيد ، فهلا فعلوا ذلك في حلمة ثدي الرجل والمرأة ؟ ولكن هذا يريكم تناقض القوم ، وأنهم لا يحققون أصلا

                                                                                                                                                                                          قال علي : وأما نحن فنقول : إن كان ذلك وقع منه في زوجته من غير قصد فعاشت وبرئت فلا شيء في ذلك ، لأنه مخطئ ، وقد أباح الله تعالى له وطء زوجته ، فلم يتعد حدود الله تعالى في ذلك ، وإن كان فعل ذلك عامدا - وهو يدري أنها لا تحمل - أو فعل ذلك بأمة كذلك ، أو بأجنبية : فعليه القصاص ، ويفتق منه بحديدة مقدار ما فتق منها متعديا ، وعليه في الأجنبية - مع ذلك - الحد ، ولا غرامة في شيء من ذلك أصلا ، إلا إن فعل ذلك مخطئا فماتت ، فالدية كاملة ، لأنها نفس - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية