الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          فقأ عين إنسان ثم مات الفاقئ

                                                                                                                                                                                          قال علي : حدثنا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في رجل فقأ عين رجل فقام ابن عم له فقتل الفاقئ غضبا لابن عمه ؟ قال : يقتل القاتل بمن قتل ، ولا شيء للمفقوءة عينه - وقد فاته القود .

                                                                                                                                                                                          قال ابن وهب : وبلغني عن ربيعة : أنه قال في أعمى فقأ عين صحيح ، أو عينيه جميعا ؟ قال : ما فيه مأخذ لقود : عليه الدية قال علي : هاتان فتيتان متناقضتان ، لأنه أوجب الدية في عين فقئت عمدا لأجل امتناع القود في إحدى المسألتين ، ولم يوجب في الأخرى دية لأجل امتناع من القود أيضا - هذا تناقض ظاهر ، لا يؤيده نص ، ولا قياس ، ولا خبر عن صاحب .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 39 ] والحق من هذا : أن القود واجب ما أمكن ، كما أمر الله تعالى ، إذ يقول { والحرمات قصاص } فإذا تعذر القصاص بموت ، أو بعدم العضو ، أو بامتناع ، أو بفرار ، فإن كان في ذلك دية مؤقتة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي واجبة لمن أرادها ، مكان قصاصه الفائت ، لأن النص أوجبها له - وإن لم تكن هناك دية مؤقتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتة فلا شيء له ، لأن الأحكام لا يوجبها إلا الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أو إجماع متيقن .

                                                                                                                                                                                          فإذ ذلك كذلك - كما ذكرنا - فإحدى فتيا ربيعة صواب ، والأخرى خطأ فأما الصواب - ففتياه في الذي فقأ عين آخر فوثب ابن عم المفقوءة عينه فقتل الفاقئ : أن على القاتل القود [ ولا شيء للمفقوءة عينه ، لأنه قد فاته القود ، ولم يكن له غير القود ] .

                                                                                                                                                                                          وأما الخطأ - فقوله في أعمى فقأ عين صحيح ، أو عينيه : أنه لا قود عليه ، وإنما عليه الدية ؟ وذلك : أنه أوجب دية لم يوجبها الله تعالى ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا قياس ، ولا نص صحيح ، ومنع القود الذي أوجبه الله تعالى في نص القرآن - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية