الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2060 - مسألة : نا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال : قضى أبو بكر في صلب الرجل إذا كسر ثم جبر بالدية كاملة إذا كان لا يحمل له ، وبنصف الدية إن كان يحمل له .

                                                                                                                                                                                          وبه إلى ابن جريج ، ومعمر ، كلاهما عن رجل عن عكرمة : أن أبا بكر ، وعمر قضيا في الصلب إذا لم يولد له بالدية ، وإن ولد له فنصف الدية .

                                                                                                                                                                                          وبه إلى ابن جريج أخبرني محمد بن الحارث بن سفيان أن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة قال : حضرت عبد الله بن الزبير قضى في رجل كسر صلبه ، فاحدودب هو ولم يقعده ، وهو يمشي محدودبا بثلثي الدية .

                                                                                                                                                                                          وبه إلى عبد الرزاق عن ابن جريج قال : قال الشعبي : قضى زيد بن ثابت في فقار الظهر كله بالدية كلها - وهي ألف دينار - وهي اثنتان وثلاثون فقارة ، في كل فقارة إحدى وثلاثون دينارا وربع دينار إذا كسرت ثم برئت على غير عثم فإن برئت على عثم ففي كسرها أحد وثلاثون دينارا وربع دينار وفي العثم ما فيه من الحكم المستقبل سوى ذلك .

                                                                                                                                                                                          وعن مكحول أنه قال : في كل فقار أحد وثلاثون دينارا وربع دينار [ ص: 81 ]

                                                                                                                                                                                          وعن الزهري قال : في الصلب إذا كسر الدية كاملة .

                                                                                                                                                                                          وعن عطاء مثل ذلك - وعن سعيد بن جبير مثل ذلك .

                                                                                                                                                                                          وهو قول الحسن البصري ، ويزيد بن قسيط .

                                                                                                                                                                                          وبه يقول الثوري ، والشافعي إذا منعه المشي .

                                                                                                                                                                                          وبه يقول أحمد ، وإسحاق إذا لم يولد له : وقد جاء في هذا أثر : كما حدثنا حمام بن أحمد نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق نا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : في الصلب إذا كسر فذهب ماؤه الدية كاملة ، فإن لم يذهب الماء فنصف الدية - قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فهذه رواية عن أربعة من الصحابة - رضي الله عنهم - لا يعلم لهم من الصحابة مخالف : أبو بكر ، وعمر ، وابن الزبير ، وزيد - وهي عن زيد غير صحيحة .

                                                                                                                                                                                          ولا يقول بهذا الحنفيون ، ولا المالكيون - وهو تناقض - فلا يرون في ضرب الصلب يقطع الولد شيئا - ولا يرون في الفقارات أيضا ما جاء عن زيد بن ثابت فيها ، ولا يعرف له من الصحابة في هذا مخالف - وهو أيضا عن جماعة من التابعين ، ولا فرق بين سائر ما ذكرنا قبل .

                                                                                                                                                                                          وفي هذا أيضا خبر مرسل - كما أوردنا - بالدية وإن لم يولد له ، وبنصف الدية إن ولد له - وهم يدعون الأخذ بالمرسل ، ولا يبالون بالتناقض والتشنيع على خصومهم . [ ص: 82 ]

                                                                                                                                                                                          وهم يجعلون في كل واحد في الأسنان الدية قياسا على النفس ، وفي كل اثنين الدية ، وفي كل أربع الدية ، وفي كل عشرة الدية ، فما بالهم لا يجعلون في الفقارات كذلك - كما جاء عن زيد - وهذا مما نقضوا فيه القياس قال علي : وأما نحن فلا حجة عندنا في مرسل ، ولا في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في هذا الباب خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم يصح ، ولا إجماع متيقن ، والأموال محرمة ، إلا ما أباحه نص ، أو إجماع ، والخطأ مرفوع - كما قد تقدم - فليس في الصلب ، ولا في الفقارات في الخطأ شيء ، وأما في العمد فالقود فقط ، ولا مفاداة فيه ، لأنه ليس جرحا - فإن كان ذلك جرحا ، ففيه القود ، أو المفاداة ، على ما ذكرنا

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية