الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2051 - مسألة : قد ذكرنا الأثر في ذلك وأنه لا يصح : نا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال : قضى أبو بكر الصديق رضي الله عنه في اللسان إذا قطع بالدية - إذا نزع من أصله - فإن قطع من أسلته فتكلم صاحبه : ففيه نصف الدية .

                                                                                                                                                                                          وبه إلى عبد الرزاق عن معمر عن رجل عن عكرمة قال : قضى أبو بكر في اللسان إذا قطع الدية ، فإن قطعت أسلته - فبين بعض الكلام ولم يبين بعضه - فنصف الدية .

                                                                                                                                                                                          وبه إلى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال : في اللسان إذا استؤصل دية كاملة ، وما أصيب من اللسان - فبلغ أن يمنع الكلام - ففيه الدية كاملة .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق الحجاج بن المنهال نا أبو عوانة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال : في اللسان الدية - وعن إبراهيم النخعي مثل ذلك [ ص: 67 ]

                                                                                                                                                                                          وعن سليمان بن موسى أنه قال في كتاب عمر بن عبد العزيز في الأجناد ما قطع من اللسان فبلغ أن يمنع الكلام كله - ففيه الدية كاملة ، وما نقص دون ذلك فبحسابه .

                                                                                                                                                                                          وعن مجاهد قال : في اللسان الدية كاملة فإن قطعت أسلته فتبين بعض الكلام ، فإنه بحسبه بالحروف - إن بين نصف الحروف : فنصف الدية - وإن بين الثلث : فثلث الدية .

                                                                                                                                                                                          وعن ابن جريج قال : قلت لعطاء : اللسان يقطع كله ، قال : الدية ، قلت : فقطع منه ما يذهب الكلام ، ويبقى من اللسان ، قال : ما أرى إلا أن فيه الدية إذا ذهب الكلام .

                                                                                                                                                                                          وعن ابن جريج أخبرني ابن أبي نجيح أن اللسان إذا قطع منه ما يذهب الكلام : أن فيه الدية ، قلت : عمن ؟ قال : هو قول القياس ، قال : فإن ذهب بعض الكلام وبقي بعض : فبحساب الكلام - والكلام من ثمانية وعشرين حرفا ، قلت : عمن ؟ قال : لا أدري .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وبإيجاب الدية في اللسان وفي الكلام يقول أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأصحابهم .

                                                                                                                                                                                          وأما الأثر في ذلك فلا يصح .

                                                                                                                                                                                          وأما الرواية عن أبي بكر ، وعمر - رضي الله عنهما - فإن صححوها : فرواية أبي بكر قد خالفوها ، لأنه - رضي الله عنه - جعل في ذهاب أسلة اللسان نصف الدية .

                                                                                                                                                                                          ومثل هذا لا يجوز أن يقطع فيه على أنه إجماع ، إذ ليس فيه إلا أثران عن أبي بكر ، وعمر منقطعان - وثالث عن علي ، وهم قد خالفوا أضعاف هذا في غير ما موضع .

                                                                                                                                                                                          من ذلك قول عمر ، وابن عباس ، في العين العوراء ، واليد الشلاء .

                                                                                                                                                                                          وقول علي في السمحاق ، وقول أبي بكر ، وعمر ، وغيرهما ، في القود من اللطمة ، وغير ذلك كثير جدا ، فالواجب أن لا يجب في اللسان - إذا كان عمدا - إلا القود أو المفاداة ، لأنه جرح ، ولا مزيد [ ص: 68 ]

                                                                                                                                                                                          وأما الخطأ - فمرفوع بنص القرآن - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية