الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2140 - مسألة : من أخاف إنسانا فقطع ساقه ومنكبه وأنفه وقتله ، فلولي المقتول أن يفعل به كل ذلك ، ويقتله - وله أن يقتله دون أن يفعل به شيئا من ذلك ، وله أن يفعل به كل ذلك أو بعضه ، ولا يقتله ، لكن يعفو عنه ؟ قال أبو محمد رحمه الله : برهان ذلك : أن كل هذه الأفعال قد وجب له أن يفعلها قصاصا على ما قدمنا قبل ، وهذا أيضا مندوب إلى العفو عن كل ذلك وعن بعضه ، فأي حقه فعل فذلك له ، وأي حقه ترك فذلك له .

                                                                                                                                                                                          وقال الشافعي : له أن يقطع ذراعه ويخيفه على أن يقتله ، وأما على أن لا يقتله فلا .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد رحمه الله : وهذا خطأ ; لأنه تخصيص لا برهان له به .

                                                                                                                                                                                          فإن قال : في ذلك تعذيب له ؟ قلنا : نعم ، فكان ماذا ؟ وإذا أباح له تعذيبه فأتى ببعض ما أبيح له وعفا عن البعض ، فقد أحسن في كل ذلك ، ولم يتعد - وما وجدنا الله تعالى قط ألزم استيفاء الحق كله ومنع من العفو عن بعضه .

                                                                                                                                                                                          بل قد صح النص بخلاف قول الشافعي جملة وهو { فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين إذ قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم قصاصا بما فعلوا بالرعاة وتركهم بالحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا } .

                                                                                                                                                                                          وقد قال الله تعالى { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } وقد ذكرنا هذا الحديث بإسناده فيما سلف من كتابنا هذا فأغنى عن ترداده وأبطلنا قول من قال كاذبا : إن هذا كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كانت المثلة مباحة - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية