وإن لم يكن عليه إلا مثلها في قول استقرض عشرة أفلس ثم كسدت تلك الفلوس قياسا ، وقال أبي حنيفة أبو يوسف - رحمهما الله - : قيمتها من الفضة - استحسانا - ; لأن الواجب عليه بالاستقراض مثل المقبوض ، والمقبوض فلوس هي ثمن ، وبعد الكساد يفوت صفة الثمنية بدليل مسألة البيع فيتحقق عجزه عن رد مثل ما التزم [ ص: 30 ] فيلزمه قيمته كما لو استقرض شيئا من ذوات الأمثال ، فانقطع المثل عن أيدي الناس ، بخلاف ما إذا غلت ، أو رخصت ; لأن صفة الثمنية لا تنعدم بذلك ، ولكن تتغير بتغير رغائب الناس فيها ، وذلك غير معتبر ، كما في البيع ومحمد يقول : الواجب في ذمته مثل ما قبض من الفلوس ، وهو قادر على تسليمه ، فلا يلزمه رد شيء كما إذا غلت ، أو رخصت ، وهذا ; لأن جواز الاستقراض في الفلوس لم يكن باعتبار صفة الثمنية بل لكونها من ذوات الأمثال ، ألا ترى أن الاستقراض جائز في كل مكيل ، أو موزون أو عددي متقارب كالجوز ، والبيض ، وبالكساد لم يخرج من أن يكون من ذوات الأمثال ، بخلاف البيع فقد بينا ، أن دخولها في العقد هناك باعتبار صفة الثمنية ، وقد فات ذلك بالكساد . يوضحه : أن بدل القرض في الحكم كأنه عين المقبوض ; إذ لو لم يجعل كذلك كان مبادلة الشيء بجنسه نسيئة ، وذلك لا يجوز ، فيصير من هذا الوجه غصب منه فلوسا فكسدت ، وهناك برئ برد عينها ، فهنا أيضا يبرأ برد مثلها ، ثم عند وأبو حنيفة : إذا وجبت القيمة فإنما تعتبر قيمتها من الفضة من وقت القبض ، وعند أبي يوسف ، إذا وجبت القيمة فإنما يعتبر قيمتها بآخر يوم كانت فيه رائجة فكسدت ، وهذا بناء على ما إذا أتلف شيئا من ذوات الأمثال ، فانقطع المثل عن أيدي الناس فهناك عن محمد يعتبر قيمته وقت الإتلاف ، وعند أبي يوسف بآخر يوم كان موجودا فيه فانقطع ، وقد بينا هذا في كتاب الغصب . محمد