الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا سلم الشفيع الشفعة ، ثم وجد المشتري بالدار عيبا بعد ما قبضها فردها بغير قضاء قاض ، أو قال : البائع البيع في الدار بغير عيب كان للشفيع أن يأخذها بالشفعة قبل القبض وبعده عندنا ( وقال ) زفر ليس له أن يأخذها ; لأنه سلمها ولم يتجدد حقه بما أخذنا من السبب ; لأن وجوب الشفعة يختص بمعارضة مال بمال ابتداء ، والرد بالعيب ، والإقالة فسخ للعقد ، وليس بمعاوضة مبتدأة ، ولا يجوز أن يقال يجعل ذلك كبيع مبتدإ ; لأن التصرف إنما يصح على قصد المتصرف وهما قصدا الفسخ لا العقد ، ولكنا نقول الإقالة ، والرد بالعيب بغير قضاء القاضي [ ص: 125 ] بمنزلة البيع المبتدإ في حق غيرهما ; لأنه تم بتراضيهما في محلين كل واحد منهما مال متقوم ، ولا صورة للمعارضة ، إلا هذا غير أنهما سمياه فسخا ولهما الولاية على أنفسهما فكان فسخا في حقهما ، ولا ولاية لهما على غيرهما فكان بمنزلة ابتداء المعارضة في حق غيرهما فيتجدد به حق الشفيع ، وإن كان ردها بالعيب بقضاء قاض لم يكن للشفيع فيها شفعة ; لأن قضاء القاضي بالرد فسخ ، وليس بعقد ، فإن للقاضي ولاية فسخ العقد الذي جرى بينهما لا إنشاء العقد ، وكذلك إن لم يكن قبضها المشتري حتى ردها بالعيب بقضاء ، أو بغير قضاء ، فلا شفعة فيها ; لأن الرد قبل القبض فسخ من كل وجه ، ألا ترى أن الراد ينفرد به من غير أن يحتاج إلى رضاء ، أو قضاء القاضي ، فهو نظير الرد بخيار الرؤية ، أو خيار الشرط ، والحرف الذي تدور عليه هذه المسائل أنه متى عاد بالرد إلى قديم ملك البائع لا يتجدد للشفيع الشفعة ; لأن حقه لم يكن ثابتا في قديم ملكه وإذا لم يعد إلى قديم ملكه كان هذا في معنى ملك حدث له بسبب مبتدإ فيتجدد به حق الشفيع ، والرد بعد القبض بالعيب أو بالإقالة بهذه الصفة حتى لو كان موهوبا لا يرجع فيه الواهب ولو كان مشترى شراء فاسدا لا يسترده البائع بخلاف الرد بخيار الشرط ، والرؤية قبل القبض ، أو بعده بقضاء القاضي .

التالي السابق


الخدمات العلمية