الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولا يجوز شراء الفضة بالفضة مجازفة لا يعرف وزنها أو وزن أحدهما لقوله صلى الله عليه وسلم { : الفضة بالفضة مثل بمثل } والمراد المماثلة في الوزن ; فإما أن يكون المراد أن يكون مثلا بمثل عند الله ، أو عند المتعاقدين ، ونحن نعلم أن الأول ليس بمراد فالأحكام لا تبنى على ما لا طريق لنا إلى معرفته عرفنا أن المراد العلم بالمماثلة عند المتعاقدين ، فصار هذا شرط جواز العقد ، وما هو شرط جواز العقد إذا لم يقترن بالعقد يفسد العقد فإن وزنا بعد العقد وكانا متساويين فإن كانا بعد في مجلس العقد فجواز العقد استحسانا ; لأن مجلس العقد جعل كحالة العقد ، ألا ترى أن انعدام الدينية في البدلين شرط جواز العقد ، ثم إذا [ ص: 13 ] انعدم ذلك بالتقابض في المجلس جعل كالمقترن بالعقد فكذلك العلم بالمماثلة ، وإن وزنا بعد الافتراق عن المجلس جعل كالمقترن بالعقد فكذلك العلم بالمماثلة فالعقد فاسد عندنا . وقال زفر إن كانا متساويين فالعقد جائز ; لأنه قد تبين أن شرط الجواز - وهو المماثلة - كان موجودا عند العقد فإنه لا تأثير للوزن في إحداث المماثلة ، وإنما يظهر به مماثلة كانت موجودة وعلم المتعاقدين بوجود شرط جواز العقد ليس بشرط لصحة العقد ، كما لو تزوج امرأة بمحضر من الشاهدين ، ولا يعلم بهما المتعاقدان ، ولكنا نقول : قد بينا أن العلم بالمماثلة شرط الجواز هنا ، وذلك لا يحصل إلا بالوزن فيصير الوزن الذي هو فعل المتعاقدين من شرط جواز العقد كالإيجاب والقبول شرط انعقاد العقد ، فكما يفصل هناك بين المجلس وما بعده فكذلك يفصل هنا ، ثم الفصل موهوم ، والموهوم فيما يبنى على الاحتياط كالمتحقق ، وتأثير الفضل في إفساد العقد كتأثير عدم القبض وأقوى ، فكما أن ترك القبض حتى افترقا مفسد لهذا العقد فكذلك توهم الفضل بترك الوزن حتى افترقا يكون مفسدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية