الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا قضى القاضي للوكيل بالشفعة فأبى المشتري أن يكتب له كتابا كتب القاضي بقضائه كتابا وأشهد عليه الشهود كما أنه يقضي له بالشفعة ، وإن كان المشتري ممتنعا من التسليم ، والانقياد له فكذلك يكتب له حجة بقضائه ويشهد على ذلك نظرا له وإذا كان في سائر الخصومات يعطي القاضي المقضي له سجلا إذا التمس ذلك ; ليكون حجة له فكذلك في القضاء بالشفعة يعطيه ذلك وإذا أقر المشتري بالشراء وقال ليس لفلان فيها شفعة سألت الوكيل البينة عن الحق الذي وجبت له الشفعة من شركة أو جوار ; لأنه لا يتوصل إلى إثبات حق الموكل ، إلا بإثبات سببه ، فإذا أقامها قضيت له بالشفعة ، وذلك بأن يقيم البينة على أن الدار التي إلى جنب الدار المبيعة ملك لموكله فلان ، فإذا أقام البينة أن الدار التي إلى جنب الدار المبيعة في يد موكله لم أقبل ذلك منه ; لأن الملك لا يثبت له فيها بهذه البينة ، فالأيدي تتنوع ولو علم القاضي أنها في يده لم يقض له بالشفعة بذلك فكذلك إذا أثبت اليد بالبينة وأصل هذه المسألة أن المشتري أنكر كون الدار التي في يد الشفيع ملكا له ففي ظاهر الرواية لا يقضي القاضي للشفيع بالشفعة حتى يثبت ملكه بالبينة

وعن أبي يوسف أن القول قول الشفيع في ذلك فيقضي له بالشفعة ، وهو قول زفر ; لأن طريق معرفة الملك اليد ; ولهذا تجوز [ ص: 163 ] الشهادة بالملك لذي اليد باعتبار يده وكما أن القاضي لا يقضي ، إلا بعلم ، فالشاهد لا يجوز أن يشهد ، إلا بعلم ، ثم باعتبار ظاهر اليد يجوز للشاهد أن يشهد بالملك فكذلك يجوز للقاضي أن يقضي بالملك لذي اليد وبقضائه بهذا يظهر استحقاق الشفعة وإذا كان يقضي لذي اليد بالملك إذا حلف مع وجود خصم ينازعه فيها ويدعيها لنفسه فلأن يجوز له القضاء بذلك في موضع ليس هناك خصم يدعيها لنفسه أولى . وجه ظاهر الرواية أن الملك باعتبار اليد يثبت من حيث الظاهر ، والظاهر حجة لدفع الاستحقاق لا للاستحقاق على الغير ; ولهذا جعلنا اليد حجة للمدعي عليه ; ليدفع بها استحقاق المدعي وحجة في حق الشاهد ; ليدفع بها استحقاق من ينازعه ، وحاجة ذي اليد هنا إلى إثبات الاستحقاق فيما في يد الغير ، والظاهر لا يكفي لذلك ، فلا بد من أن يثبت الملك بالبينة ، وهو نظير ما لو طعن المشهود عليه في الشاهد أنه عبد يحتاج إلى إقامة البينة على الحرية ; لأن ثبوت حريته باعتبار الظاهر ، فلا يصلح للإلزام وإذا وجد قتيل في دار إنسان فأنكر على عاقلته كون الدار له يحتاج إلى إثبات الملك بالبينة ; ليقضي بالدية على عاقلته فهذا نظيره ( قال : ولا أقبل في ذلك شهادة ابني الوكيل وأبويه وزوجته ، ولا شهادة ابني الموكل وأبويه وزوجته ، ولا شهادة المولى إذا كان الوكيل ، والموكل عبدا له ، أو مكاتبا ) ; لأنهم متهمون في ذلك ، فإنهم يشهدون لحق الموكل ويثبتون حق الأخذ للوكيل ; فلهذا لا تقبل في ذلك شهادة الفريقين .

التالي السابق


الخدمات العلمية