الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن وكله أن يشتري له عبدا بعينه فاشتراه ، ثم وجد به عيبا قبل أن يقبضه الوكيل ، فللوكيل أن يرده ; لأن الرد بالعيب من حقوق العقد ، والوكيل فيه كالعاقد لنفسه فما دامت العين في يده فهو متمكن من ردها بدون استطلاع رأي الموكل ، فإن أخذه ورضيه ، وكان العيب غير مستهلك له فهو لازم للآمر ، وإن كان العيب فاحشا يستهلك العبد فيه ، لزم الوكيل دون الآمر استحسن ذلك إلا أن يشاء الآمر ، وذكر في السير الكبير أن على قول أبي حنيفة : رضي الله عنه العيب اليسير ، والفاحش فيه سواء ، وهو لازم للآمر إن اشتراه بمثل قيمته ; لأن أخذه مع العلم بالعيب كشرائه ابتداء مع العلم بالعيب ، ومن أصل أبي حنيفة رضي الله عنه أن العيب المستهلك لا يمنع الوكيل من الشراء للآمر بمثل قيمته ، فكذلك لا يمنعه من القبض ، والرضا به عند الأخذ ، ومن أصلهما أن ذلك يمنع شراءه للآمر ابتداء ; لأن الموكل لم يقصد ذلك ، وهو معلوم عرفا فكذلك رضاه عند الأخذ ، وهذه مسألة كتاب الوكالة ، وقد بينا هناك ، ولئن كانت المسألة في قولهم كما أطلق في الكتاب ، فوجهه : أن الرضا بالعيب اليسير [ ص: 63 ] من الوكيل بالشراء ، ملزم للآمر بخلاف العيب الفاحش ، فكذلك الرضا بالعيب اليسير يكون ملزما للآمر بخلاف الرضا بالعيب الفاحش ، إلا أن يشاء الآمر ، وإن لم يجد بالعبد عيبا ، ولكنه قتل عند البائع ، فالوكيل بالخيار إن شاء فسخ البيع ، وإن شاء أجازه ، كما لو اشتراه لنفسه ، وهذا ; لأن المبيع تحول من جنس إلى جنس ، وتأثير ذلك في إثبات الخيار فوق تأثير العيب ، فإن أجازه كانت القيمة له دون الآمر ; لأن مقصود الآمر تحصيل العبد له ، ولا يحصل ذلك بالقيمة فرضا الوكيل ، بها لا يلزم الآمر إلا أن يشاء أخذ ذلك فيكون أحق به من المشتري لأنها بدل ملكه فالملك في العبد بالشراء ، وقع له فإذا رضي أن يأخذه فهو أحق به .

التالي السابق


الخدمات العلمية