الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو اشترى قلب فضة ، وثوبا بعشرين درهما ، وفي القلب عشرة دراهم ، وتقابضا ، ثم حط عنه درهما من ثمنها جميعا ، فإن نصف الحط في الثوب ، وينتقض البيع في القلب ، في قول أبي حنيفة ; لأنه يثبت الحط فيهما جميعا ، فإنه نص على ذلك [ ص: 84 ] بقوله : حططت عنك درهما من ثمنهما جميعا ، فيفسد العقد في حصة القلب ; لأنه يكون بمقابلته أقل من وزنه ، ولكن هذا فساد طارئ ، فلا يفسد به العقد في حصة الثوب بخلاف المقترن بالعقد ، وهذا بخلاف الأول عند أبي حنيفة ، فإن الحط هناك لما ثبت على سبيل الالتحاق بأصل العقد ، يظهر الفضل الخالي عن المقابلة في الكل ، وهنا إنما يظهر الفضل الخالي عن المقابلة في القلب دون الثوب ; فلهذا جاز البيع في الثوب مع نصف الحط ، ولو كان المبيع سيفا محلى بمائة درهم ، وحليته خمسون درهما ، فحط عنه من ثمنه درهما أجزت ذلك ، وجعلت الحط على غير الفضة ; لأن الحط يلتحق بأصل العقد ، ويخرج القدر المحطوط من أن يكون ثمنا ، فيكون البيع : كان في الابتداء بتسعة ، وتسعين درهما ، وهذا بخلاف الأول ، فإن القلب مع الثوب شيئان مختلفان ، وقد جعل الحط من ثمنهما ، والسيف مع الحلية كشيء واحد وقد جعل الحط من ثمنه ، فلو جعلنا ذلك في حصة السيف خاصة ; لا يكون في هذا تغيير ما نص عليه المتصرف .

التالي السابق


الخدمات العلمية