الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وعن القاسم بن صفوان قال أكريت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إبلا بدنانير فأتيته أتقاضاه وبين يديه دراهم فقال لمولى له : انطلق معه إلى السوق فإذا قامت على سعر فإن أحب أن يأخذ ، وإلا فاشتر له دنانير فأعطها إياه فقلت : يا أبا عبد الرحمن أيصلح هذا ؟ قال : نعم لا بأس بهذا ، إنك ولدت وأنت صغير ، وفيه دليل جواز استبدال الأجر قبل القبض الآخر كالثمن وقد بينا أن ابن عمر رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استبدال الثمن قبل القبض فجوز له ذلك فلهذا جوز ابن عمر الاستبدال بالأجر ، ولكن بشرط أن يرضى به صاحب الحق ، ولكن لما أشكل على صاحب الحق سأله بقوله : أيصلح هذا ؟ فقال : نعم إنك ولدت وأنت صغير ; أي جاهل لا تعلم حتى تعلم . وهكذا حال كل واحد منا فإنه لا يعلم حتى يعلم فكأنه مازحه بهذه الكلمة ، وكنى بالصغر عن الجهل ، ثم ذلك حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في الربا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأشياء الستة ، وقال في آخره { إذا اشتريتم بعضه ببعض فاشتروه كيف شئتم يدا بيد } يعني بذلك إذا اختلف النوعان ، وقال معاوية رضي الله عنه ما بال أقوام يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث لم نسمعها فقال عبادة رضي الله عنه : أشهد إني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أعاد الحديث ثم قال : لأحدثن به وإن رغم أنف معاوية ، وكان معاوية رضي الله عنه ممن يجوز التفاضل في الابتداء ، ثم رجع إلى الحديث ; فلهذا قال ما قال ، وقيل : إنه أراد أن يستثبته في روايته ، ومعاوية رضي الله عنه من رواة حديث الربا فيحتمل أن يكون مراده بقوله : " أحاديث لم نسمعها " ما ذكره في آخر الحديث ، وإن اشتريتم بعضه ببعض فأكد عبادة رضي الله عنه روايته بيمينه فإن قوله " أشهد " بمعنى أحلف ، قال : " لأحدثن به " ; لأني أتيقن بسماعه من [ ص: 10 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتبليغ فلا أدعه بقول معاوية رضي الله عنه بل أحدث به وإن رغم أنف معاوية .

التالي السابق


الخدمات العلمية