الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : وإذا ابتاع الرجل سيفا محلى بفضة بعشرة دنانير [ ص: 19 ] فقبض السيف ولم ينقد الدنانير لم يتفرقا حتى باع المشتري السيف من آخر ، وقبضه المشتري الآخر ، ولم ينقد الثمن حتى افترقوا فإنه يرد السيف إلى المشتري الأول ; لأن كل واحد من العقدين صرف فيبطل بالافتراق قبل القبض ، وإذا بطل العقد الثاني رجع السيف إلى المشتري الأول على الملك الذي كان له قبل البيع ، وقد فسد شراؤه أيضا فلزمه رد المقبوض إلى البائع ، ولو لم يفارق الآخر الأوسط حتى فارق الأول نقده الآخر جاز بيع الأوسط في السيف ; لأنه باعه بعدم تمام ملكه بعد القبض ، وقد تم العقد الثاني بالتقابض قبل الافتراق ، وفسد العقد الأول فوجب على الأوسط رد السيف ، وقد عجز عن رده بإخراجه عن ملكه فيضمن قيمته للبائع ، وإن فارقه الأول ، ثم إن الأوسط باع السيف من الآخر جاز بيعه أيضا ; لأن العقد وإن فسد بالافتراق فقد بقي ملكه ببقاء القبض ; لأن فساد السبب لا يمنع ابتداء الملك عند القبض فلا يمنع بقاؤه بطريق الأولى ، ثم بتقرر بيعه عجز عن رده فيكون ضامنا قيمة السيف لصاحبه ، وإن باع الأوسط نصف السيف ثم فارقه الأول ثم قبض من الآخر الثمن ، ودفع إليه نصف السيف ، أو لم يدفع حتى جاء الأول وخاصمهم فإنه يدفع إلى الأول نصفه ; لأن ملكه باق في نصف السيف ، وقد فسد السبب فيه فعليه رده ، وقد جاز البيع في نصفه فيضمن الأوسط نصف قيمة السيف للأول من الذهب كي لا يؤدي إلى الربا إذا ضمن قيمته من الدراهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية