الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            وانظر على هذا إذا وهب للصغير أو تصدق به عليه أو أوصى له هل لوليه رد ذلك أم لا لم أقف على نص في ذلك والظاهر أن للأب والوصي النظر في ذلك ; لأن المال قد يكون حراما وقد يكون فيه منة على الوالد أو ولده ولا يجب ذلك ولا كلام أن له الرد إذا كان يطلب عوضا عن ذلك من مال الولد ثم رأيت في كتاب الأيمان من ابن يونس في شرح قوله وإن حلف أن لا يأكل لرجل طعاما فدخل ابن الحالف على المحلوف عليه فأعطاه خبزا فخرج الصبي بالخبز لأبيه فأكل منه الأب ولم يعلم حنث .

                                                                                                                            قال سحنون : أما أنا فتبين عندي لا حنث ; لأن الابن قد ملك الطعام من الأب ، قال أبو إسحاق لم يجعل ملك ابنه تقررا على ما أعطاه فيصير الأب قد أكل مال ابنه لا مال المحلوف عليه ولعله أراد أن ذلك يسير للأب رده فلما كان له رده لم يتقرر للابن عليه ملك إلا برضا الأب فلهذا حنث الأب وأما لو وهبه هبة كثيرة لها بال لا يقدر الأب على ردها فأكل منها الأب لا نبغي أن لا يحنث ; لأنه مال لا يقدر الأب على رده على الواهب وقال ابن يونس ، قال بعض أصحابنا : إن كان الأب موسرا حتى يكون له رد ما وهب لابنه من طعام ولا ينتفع به إلا بأكله في الوقت كالكسرة والتمرة وشبه هذا مما يناوله الإنسان لمن يدخل ; لأن الأب يقول نفقة ابني علي فليس لأحد أن يحمل عني منها شيئا بغير إذني فهذا إذا أكل مما أعطاه الصبي حنث ويعد ذلك قبولا منه الخبز المحلوف عليه وإن كان الأب معدما حتى لا يلزمه نفقة ولده وكان عيش الابن من عند غير الأب من الصدقات ونحوها فأعطاه ذلك الرجل هذا فأكل منه الأب لم يحنث ، قال : وهذا معنى قول مالك والله أعلم .

                                                                                                                            قال : وعبده وابنه في هذا سواء ; لأن له رد ما وهب لعبده قل أو كثر إلا أن يكون على العبد دين فليس له رد ما وهب له من مال ، انتهى . وما ذكره عن بعض أصحابنا ذكره في النكت عن بعض القرويين ونقل ذلك في الذخيرة وقال القرافي في الفرق الخامس والثلاثين : الأسباب الفعلية تصح من المحجور دون القولية فلو صاد ملك الصيد أو احتش ملك الحشيش بخلاف ما لو اشترى أو قبل الهبة أو الصدقة أو قارض أو غير ذلك من الأسباب القولية لا يترتب له عليها ملك ، انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية