الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( فيما رد فيه لفسق )

                                                                                                                            ش : وكذلك جميع موانع الشهادة قال ابن عرفة : قال المازري والشيخ لابن سحنون عن أبيه : أجمع أصحابنا على أن الشهادة إذا ردت لظنة أو تهمة أو لمانع من قبولها ثم زالت التهمة أو الوجه المانع من قبولها أنها إذا أعيدت لم تقبل انتهى . ونقله ابن عبد السلام واحترز بقوله فيما رد فيه بما لو أدى الشهادة ولم ترد حتى زال المانع فإنها تقبل لكن بشرط إعادتها بعد زوال المانع ، قال في التوضيح : وكذلك لو قال القائم بشهادته للقاضي : عندي فلان العبد أو الصغير أو النصراني ، فقال القاضي : لا أجيز شهادة هؤلاء فإن هذا ليس ردا لشهادتهم وتقبل شهادتهم بعد ذلك ; لأن كلامه إنما هو فتوى قاله غير واحد ونقله في الشامل .

                                                                                                                            ص ( أو على التأسي )

                                                                                                                            ش : يعني أنه يتهم في أن يجعل غيره مثله ; لأن المصيبة إذا عمت هانت وإذا ندرت هالت ولهذا قال عثمان رضي الله عنه ودت الزانية أن النساء كلهن يزنين انتهى من التوضيح .

                                                                                                                            ص ( كشهادة ولد الزنا )

                                                                                                                            ش : قال ابن عبد السلام : لما كان هذا الوصف لازما له لا ينفك عنه في طاعة ولا فسق اتفق المذهب على رد شهادته في ذلك انتهى . وتبع في الاتفاق ابن الحاجب وهذه طريقة المازري قال ابن عرفة : وفي ولد الزنا طريقان ، المازري : لم يختلف المذهب في رد شهادته في الزنا وقبولها فيما سوى ذلك مما لا تعلق له بالزنا ثم ذكر الطريق الثانية وعزاها لابن رشد ونصه : شهادة ولد الزنا في الزنا وفي نفي الرجل عن أبيه جارية على الخلاف فيمن حد في شيء هل تجوز شهادته فيه أم لا ؟ والمشهور من قول ابن القاسم أنها مردودة انتهى . قال في التوضيح : في هذا المحل قال مطرف وابن الماجشون : وكذلك لا تقبل فيما يتعلق بالزنا كاللعان والقذف والمنبوذ انتهى .

                                                                                                                            ص ( أو من حد فيما حد فيه )

                                                                                                                            ش : هذا هو المشهور وصرح بمشهوريته ابن عبد السلام في الاستذكار نقله [ ص: 162 ] في التوضيح وابن عرفة فعزو تشهيره لابن رشد قصور ، وقال ابن عرفة الشيخ عن الأخوين : المحدود في الزنا يتوب شهادته جائزة في كل شيء إلا في الزنا والقذف واللعان وكذلك المنبوذ لا تجوز شهادته في شيء من وجوه الزنا لا قذف ولا غيره وإن كان عدلا وفي نوازل سحنون : من اقتص منه في جناية لم تجز شهادته في مثل الجرح الذي اقتص منه ، ابن رشد : هذا شذوذ أغرق فيه في القياس قلت للشيخ عن الواضحة قال الأخوان : من قتل عمدا فعفي عنه ثم حسنت حالته جازت شهادته إلا في القتل وفي كتاب ابن سحنون قيل لابن كنانة من ضربه الإمام نكالا أينتظر في قبول شهادته توبته ؟ قال : ليس ما ينكل به سواء نكل ناس بالمدينة لهم حال حسنة لشيء أسرعوا فيه إلى ناس وشهادتهم في ذلك تقبل ليس لأحد فيهم مغمز ومن ليس بحسن الحال إلا أن شهادته تقبل وليس بمشهور العدالة يأتي بما فيه النكال الشديد فلينظر في هذا وإنما يعرف هذا عند نزوله ، وأما الشتم ونحوه وهو في غير ذلك يعرف بالصلاح فلا ترد شهادته انتهى والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( كمخاصمة مشهود عليه مطلقا )

                                                                                                                            ش : أي في حق الله أو في حق الآدمي أما في حق الله كما لو تعلق أربعة برجل ورفعوه للقاضي وشهدوا عليه بالزنا ، وأما في حق الآدمي فقال ابن عرفة : وقول ابن الحاجب وفي القبول كمخاصمة المشهود عليه في حق الآدمي إن أراد بتوكيل من المشهود له فهو ، نقل الباجي عن ابن وهب الوكيل على خصومة لا تجوز شهادته فيما يخاصم فيه وإلا فهو أحرى في عدم القبول انتهى . والظاهر أنه كذلك إذا خاصم بغير وكالة بل هو أظهر .

                                                                                                                            ( فرع ) قال في النوادر في الجزء الثاني من كتاب الشهادات في الترجمة التي قبل ترجمة الرجل يشهد لنفسه ولغيره ومن كتاب ابن المواز من وكل رجلا على طلب في حق ثم عزله وتولى الطلب بنفسه فشهادة الوكيل له جائزة انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيهات الأول ) ظاهر كلامه أن المخاصمة في حق الله تعالى مبطلة مطلقا سواء كان مما يستدام فيه التحريم أو لا ، وهو كذلك على ما قال بعض المتأخرين : إنه مذهب ابن القاسم خلاف مذهب مطرف وابن الماجشون ، وعند ابن رشد أن المخاصمة إنما تبطل ما لا يستدام فيه التحريم وأما ما يستدام فيه التحريم فلا تبطله المخاصمة كما يأتي في كلامه ، وظاهر كلام المازري فيما حكى عنه ابن عرفة الإطلاق ككلام المؤلف .

                                                                                                                            ( الثاني ) ظاهر كلامه أيضا أن المخاصمة مطلقا في حقه تعالى مبطلة ولو كان القائم فيها من أصحاب الشرط الموكلين بتغيير المنكر وليس كذلك بل هو مقيد بغيرهم كما سيأتي في كلام ابن رشد ، ونصه قال في رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب الشهادات وقال ابن القاسم في صاحب السوق أخذ سكران فسجنه وشهد عليه وآخر معه فقال : لا أرى أن تجوز شهادته ; لأنه قد صار خصما حين سجنه ولو رفعه إلى غيره قبل أن يسجنه وشهد مع الرجل جازت شهادته عليه قال محمد بن رشد : إنما جازت شهادته عليه وإن أخذه فرفعه ما لم يسجنه ; لأن ما فعل من أخذه ورفعه لازم له من أجل أنه موكل بالمصلحة ولو لم يكن صاحب السوق موكلا بالمصلحة فأخذ سكران فرفعه إلى غيره لم تجز شهادته عليه على ما قال في المسألة بعدها وبالله التوفيق .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية